Showing posts with label جسد. Show all posts
Showing posts with label جسد. Show all posts

Tuesday, April 30, 2024

وجوه.. رواية في حلقات منفصلة (الحلقة الرابعة عشرة)

 حينما بدأ سعفان يحكي لي عن زميلنا محجوب والذي تزوج مؤخرا وهو على مشارف الخمسين فتحت فمي من الدهشة.. محجوب رجل رزين أعرفه جيدًا منذ خمسة عشر عاما على الأقل.. رجل موزون يحسب الكلمة قبل التلفظ بها بخلاف اهتماماته بمسؤولياته المادية والعملية والأسرية.. ورجعت بمسند مقعدي للوراء وانا انظر للسقف متأملا.. ما الذي دفع رجل مثل محجوب للإقدام على هذا الخطوة المهمة في حياته وخاصة وأنه يحظى بمكانه اجتماعية مميزة في عائلته وكذلك اسرته الصغيرة بين ابنتيه الجميلتين اللتين رزق بهما بعد زواجه منذ عشرين عام تقريبا.. وخطر في بالي انها ربما وتكون ازمة منتصف العمر التي تحدث للمتزوجين والتي صورها المخرجين في العديد من الافلام الغربية والتي أتذكر منها فيلم أزمة السنة السابعة للفاتنة مارلين مونرو والذي يتعرض لهذه المشكلة التي تحدث كل سبعة سنوات لأي علاقة زوجية.. انتبهت على صوت سعفان الجش وهو يقول.. رجل غريب والله.. وأيضًا يأخذ إجازة أسبوعين حتى يرتاح قليلا معها.. كان الوقت مبكرا في اليوم وفي الحقيقة كان لدي أطنان من المعاملات التي تحتاج ان اراجعها قبل ان أرسل الورق لسميرة لتراسل الموردين فاستأذنت منه أن استكمل العمل وربما نناقش هذا الموضوع لاحقا.. فخرج يضرب كفيه وهو يكلم نفسه فاضحكني مظهره الذي بدا كالمجاذيب.. غرقت وسط أوراقي كالعادة وقبل نهاية اليوم طلبت من مها السكرتيرة المنقولة حديثًا لمكتبي أن تبلغ سميرة ان أوراق الموردين جاهزة.. وبينما انا في طريق للموقف السفلي متجها نحو سيارتي نزلت سميرة من سيارتها وهي تهتف.. لماذا تأخرت هكذا.. انا انتظرك في السيارة منذ ساعة تقريبا.. ضحكت وانا أقول لها.. انت تعرفين أنى لا اغادر قبل ان أرتب أعمال الغد واخذ معي ما يحتاج ان اراجعه في المنزل.. قالت في سرعة.. لا لا عليك تأجيل عمل ما بعد العودة للمنزل هذا اليوم.. فانا أريد ان اقضي اليوم معك نتناول الغداء في مطعم الركن وربما ذهبنا للسينما إذا كان هناك وقت.. ابتسمت لها ابتسامة واسعة وانا أقول وهو كذلك.. قفزت في سيارتي بعدما احضرت حقيبتها من سياراتها الرياضية الصغيرة وتوجهنا نحو المطعم مباشرة.. حاولت اقناعها ان نعرج على المنزل لاستحم وأبدل ملابسي فأبت.. وقالت انت مناسب هكذا وفي النهاية انا من ستشاركك الغداء فلا يهمني حتى ان كنت بملابسك الداخلية فضحكنا سويا ووصلنا للمطعم بعد نصف ساعة تقريبا.. كان اللحم شهيا والطهو رائع استدعي من الإشادة بالطاهي الماهر وأيضا ان ننقدهم بقشيش ملائم جلسنا بعد الغداء نتحدث في هذا وذاك وجاء ذكر حكاية محجوب زميلنا الذي تزوج مؤخرا.. بعدما تحركنا نحو صالة واسعة خارجية جلها عبارة عن كنبات ثنائية وثيرة المقاعد غيرت سميرة مقعدها وانتقلت الي جواري بعدما طلبت من الجرسون فنجانين من القهوة وجلست تريح ظهرها على مسند الكنبة الجانبي وقد خلعت حذائها وجعلت اقدامها ملاصقة لرجلي وهي تقول.. من اين عرفت الاخبار يا عزيزي.. هل لديك وقت للنميمة ام ان هويدا تكفلت بنقل التفاصيل إليك.. ضحكت بصوت عال وانا أقول.. لا يا عزيزتي ليست هويدا.. انه سعفان.. جاءني اليوم صباحا في مكتبي وطفق يرغي ويزبد عن الموضوع وكيف ان محجوب أخطأ وانه في ازمة منتصف عمر الي مثل هذا القبيل.. ولكن يبدو من كلامك ان الموضوع معروف في الشركة.. لطالما كنت خارج دائرة النميمة تلك.. اشعر دائما ان الشركة هي مسؤوليتي فلا يعجبني ان يضيع جزء من وقت العمل وخاصة في الأيام المتخمة به في الحوارات الجانبية التي لا طائل منها وسميرة تعرف عني ذلك جيدا ولذلك نادرا ما نتبادل الحديث خارج إطار العمل الا في سهرات المكتب التي قلت كثيرا مؤخرا بعد تنظيم العمل وتزويدنا العديد من الموظفين الجدد مثل هويدا وأسماء وسعفان وغيرهم.. قالت وهي تنظر نحوي وقد بدأت تعبث بأصابع قدمها الطويلة في رجلي.. هل تعرفها.. اشرت برأسي أن لا.. عاجلتني بسرعة وهي تقول.. سوار.. الفتاة السورية التي تعمل في شركة الكيماويات التي انجزنا لها الشحنة الكبيرة العام الماضي.. ارتفع حاجبي دهشة وانا أقول.. بلي تذكرتها الأن.. يا إلهي تلك الفتاة القصيرة الممتلئة.. انها جميلة بحق.. ولكن كيف لمحجوب وهو قارب الخميسين وسوار التي لا اظنها تزيد عن خمسة وعشرين عاما.. ابتسمت وهي تقول مازلت مجاملا لجميع النساء يا عزيزي حتى في عدم وجودهن.. انها في الرابعة والثلاثين يا عزيزي.. وانا اعرف كيف في الحقيقة.. توجهت بجسدي نحوها وانا أتساءل.. تعرفين.. نظرت نحوي في خبث وهي تقول.. نعم جاءتني كل التفاصيل على طبق من فضة.. محجوب يعمل لدي في القسم وعندما كان في اجازته المرضية منذ عدة شهور كنت اعمل على حاسوبه من وقت لأخر.. لم يكن لي أي هدف للتلصص على خصوصياته ولكنه يبقى حافظة ملفاته على سطح المكتب.. وقالت مندهشة.. أي موظف هذا الذي يبقي ملفاته الشخصية على سطح المكتب بل وبرامج المحادثة الخاصة به مفعله على جهاز العمل وليس الجهاز الشخصي.. على كل الأحوال.. حينما فتحت حافظة الملفات تلك فتحتها بالخطأ في البداية.. وبمجرد إلقاء نظرة عليها ظننت أنها مقاطع جنسية لفتاة من موقع من تلك المواقع العربية المنتشرة لكن ما وجدته هناك لم يكن كذلك.. وانا أولا وأخيرا انثي ولا أستطيع ان أكبح جماح رغبتي في المعرفة.. وفي احدة من سهرات عملي .. بدأت مشاهدة تلك المقاطع والصور والصوتيات.. فوجدتها ليست فتاة عادية.. انها ساحرة بالمعنى الحقيقي للكلمة واعترف انني ان كنت رجلا كنت لأذهب زاحفا لتلك الفتاة لتقبلني شريكا بأي صورة من الصور.. استولت على فضولي تماما سميرة وانا اعارضها وأقول لها.. ليس لهذه الدرجة.. قالت بسرعة بكل أكثر من هذه الدرجة.. الفتاة كانت تراسله ليلا ونهارا.. ولا تخاطبه الا بسيدي.. ورايتها في معظم فيديوهاتها تسأله ان كان هذا اللون هو الذي يقصده او هذه الوضعية او هذا الكلام مما يعنى انها كانت وبشكل ما تشعره بأنها تنفذ أوامره.. ملت بجسدي للوراء وغصت في الكنبة الوثيرة وانا أقول لها انني اعرف هذا عن الشاميات أيضا.. فقد كان لي صديقة من بينهم خلال فترة من حياتي وهن بارعات في السيطرة على عقول رجالهن بطرق قد تبدو أنها تحتال على العقل ولكنني اظنها مشروعة في أي علاقة عاطفية جسدية.. وسرح عقلي في تفاصيل تلك الأيام وكيف ان تلك الفتاة ربطت قلبي وجسدي بها بشكل كبير ولولا المقادير لكانت مازلت من المقربات.. ابتسمت سميرة وهي تنظر داخل عيني مباشرة.. تذكرت صديقتك الشامية.. ضحكت وانا أقول وها انت تقرأين الأفكار الان.. ابتسمت ووضعت يدها في وسطها وهي تقول.. ولماذا لا تتذكرني انا بدلا منها.. ارتفعت ضحكتي رغما عني وانا امد يدي وامسكت يدها واقبلها وأقول وكيف اتذكرك وانا لا انساك من الأساس.. مخادع قالتها وهي تضع يديها على شفتي لأقبلهما مرة اخري ففعلت وبينما نحن في الطريق نحو موقف السيارات لتأخذ سيارتها قالت لي مباشرة.. اتجه من فضلك إلى شقتك سأقضي الليلة بصحبتك.. وافقتها وفي مصعد البناية تبادلنا قبلة طويلة.. وحالما دخلنا ابدلت ملابسها بواحدة من بيجامات النوم وبينما اشرب كوب قهوتي المسائي وجدتها تغفو على الاريكة حملتها على السرير الكبير ودثرتها جيدا وخرجت للشرفة أكمل قهوتي واتذكر رفيقتي.. وحالما تثاقل جفناي.. توجهت نحو الاريكة وخلدت للنوم.

Wednesday, January 10, 2024

وجوه.. رواية في حلقات منفصلة (الحلقة الثالثة عشرة)

دخلت هويدا بوجه مكفهر على غير عادتها وألقت تحية الصباح، دعوتها للجلوس.. نظرت لي مطولًا كأنها لم تسمعني، كانت ترتدي بلوزة من الشيفون الوردي الشفاف تستطيع ان تلمح منها لون صدريتها الوردي وتنورة قصيرة تلامس حافتها السفلية ركبتاها البيضاوان وتبرز جمال ساقيها الناعمتان وقد عقصت شعرها فوق رأسها وصبغت شفتيها بلون وردي يناسب بقية هندامها.. بعد ثوان من التحديق في وجهي.. عدَلت من وضع تنورتها قليلا ثم جلست قبالتي، اسرعت أسألها.. ماذا بك هويدا؟ زفرت.. لا شيء عزيزي حامد أنا فقط منزعجة قليلا. سري القلق في جسدي فقمت من مكاني وتوجهت نحوها وأنا أهتف.. حسنًا كفاك صمتًا ماذا هناك؟ نظرت نحوي ثم قامت من مكانها وارتمت حرفيا في حضني وهي تقول أنا أسفه حامد ولكن شيرين ليست على ما يرام. ربتّ على ظهرها في هدوء وأنا اجلسها مرة أخرى على الأريكة ثم جلست على الكرسي بجوارها وقلت في خفوت.. هل مازالت تأتيها تلك النوبات.. نظرت للسقف بعدما تمددت على الاريكة وقالت لم تتوقف منذ ذلك الحين.. صحيح أنها تباعدت إلى حد كبير بعد تلك الزيارة ولكنها من آن لأخر تطفو على السطح.. لا اعرف متي ستتوقف نهائيًا.. أشعر ان شيرين تعاني وليس بيدي شيء أقدمه لها.. خامرني شعور قوي بالذنب وأنا أتذكر بداية كل ذلك.. شيرين.. الأخت الصغرى لهويدا.. التحقت بالجامعة بعدنا بعدة سنوات.. وتعرفت عليها لأول مرة مع هويدا التي قدمتها لي بصفتها أخر عنقود الجميلات في أسرتها الكبيرة.. وبالفعل كانت شرين جميلة بحق.. عيناها الخضراوان الواسعتان وبشرتها البيضاء النقية وجسمها الصغير المتناسق الذي بدأ يظهر بعض الانوثة على استحياء وبراءة غير محدودة تظهر من قسماتها.. كانت تقضي كل وقتها تقريبا بصحبتنا وإذا لم تكن بكليتها لحضور محاضرة ما فهي تجلس بجانبي.. تستمع إلى حكاياتنا وقلما تشارك بالكلام وقد اقتنعنا جميعا انه ليس لديها ما تضيفه من قلة خبرتها.. وفي يوم أحد الأيام رن جرس هاتف المنزل.. ثم جاءني صوت شرين المنخفض الهامس.. حامد أنا شيرين.. أجبتها بسرعة.. عرفتك من صوتك. أهلا شيرين ماذا هناك. قالت في بطء.. أريد ان أتكلم معك قليلا.. رحبت بها وتحدثنا على الهاتف نحو ساعة فتحت لي قلبها بالكثير من الحكايات كان جلها طفولي ويعكس البراءة التي توقعتها وفي نهاية المكالمة قالت العبارة التي توقعتها.. لا تخبر هويدا أني تحدثت معك.. وعدتها بألا أخبرها. ونسيت أمر تلك المكالمة تماما حتى قابلتها بعد عدة أيام في فستان طويل، قصير الاكمام أبيض اللون موشي بأزهار صفراء رقيقة مثلها.. توجهت نحوي ومدت يدها تسلم عليَّ وهي تعلم أني لا امد يدي للسلام نحو الفتيات، مددت يدي نحوها اتلقى سلامها، وجدتها تمسك بيدي كأنها تتعلق بها نظرت لعينيها مباشرة فأخفضت عيناها في خجل.. ابتسمت لها في ود ثم جلسنا متجاورين.. قلت لها وأنا أتأمل الساحة الواسعة التي تناثر فيها الطلاب.. شيرين هل هناك ما تريدن ان تقوليه لي.. سكتت فأكملت.. نحن مقربان وصديقان يا عزيزتي ولكن يبدو أن هذا لا يكفيك.. أليس كذلك.. نظرت نحوها فوجدت وجنتاها متوردتان تماما.. فأكملت.. أنت تعرفين أني مرتبط وتعرفين موضوع نوران أليس كذلك؟ هنا رأيتها وكان دمعة قفزت من عيناها.. مددت يدي بمنديل ورقي نحوها أخذته ومسحت عيناها بسرعة وهي تقول.. أنت دائما صريح.. لاحظتك وأنت تتكلم مع الجميع.. وأنا لا اعرف أن أتكلم وأعبر عن مشاعري مثلك.. ولكني حينما أجلس مع نفسي أجدني أفكر فيك.. وأسترجع الأوقات التي أقضيها بجوارك.. وهنا - وأشارت إلى قلبها - بداخلي هناك شعور قوي يجعلني أريد البقاء معك كل الوقت.. مددت يدي وأمسكت بيديها وقلت تعالي نأكل شيئًا فانا لم أُفطر بعد.. توجهت واياها للمطعم القريب والتقطنا بعض الشطائر التي أكلتها أنا كلها تقريبا فهي لا تأكل إلا القليل.. قلت لها وأنا أنظر في عيناها.. ستكون علاقتك بي في الظل تعرفين هذا؟ لم اعرف لماذا تفوهت بهذه العبارة.. بدت لي مبتذلة وغير مناسبة.. لم يكن عندي مشكلة وطوال سنين دراستي الجامعية وما بعدها في أن يكون لي علاقات متعددة في نفس الوقت.. ولكني تعودت ألا أُخفي شيئًا.. دائما ما رفعت شعار من يريدني ها أنا ذا ومن لا يريدني فالخيار بيديه.. ودائما ما كان هذا الأسلوب مريحًا وسهلا في نفس الوقت.. ولكنى ولأول مرة أُحس أني أفعل شيئًا في الخفاء.. لم تستغرق شرين سوى ثوان لترد في نبرة قوية.. نعم ولعلك تستغرب إذا قلت لك أن هذا ما أريده أنا أيضا.. كان دوري أن انظر نحوها باندهاش.. تبعته ابتسامة..

تعددت لقاءتنا خارج حدود الأصدقاء ولم أخبر بأمرها أحدًا من كان، كانت هي أيضا حريصة للغاية ألا يعرف أحد من الأصدقاء عن أمر علاقتنا.. حتى انها قللت كثيرا من اجتماعها معنا.. وكلما سنحت الفرصة التقي وأياها في الحديقة الكبيرة أو أحد المقاهي المناسبة على شاطئ البحر.. وكان ان التحقت بتلك الدورة التعليمية الخاصة بعلوم ما وراء الطبيعة.. والتي تعرفت فيها على بعض العلوم النفسية وكان مما تقدمه تلك الدورة جزء كبير عن مبادئ التنويم المغناطيسي والتي كنت شغوفًا جدًا بتعلمها.. فتفانيت في حضور المحاضرات والتطبيقات العملية حتى ان مقدم الدورة كان يحدثني بإعجاب واضح بأنني التلميذ الذي تفوق على أستاذه بشكل يشعرني بالخجل إلى حد ما. في أحد الأيام توجهت إلى الحديقة الكبيرة لموعدي مع شيرين.. كان الجو الشتوي يسيطر على الأجواء وقد تجمعت بعض السحب الرمادية في سماء الغروب الحمراء وخلق الجو الذي يميل الي البرودة إحساس باللذة من ملمس اليدين الدافئتين لها.. وفي واحدة من الأماكن المخصصة للجلوس على الشاطئ جلست وهي قبالتي.. طفقت أحدثها عن أحداث الأسبوع وعندما وصلت الي دورة علوم ما وراء الطبيعة أبدت اهتمامًا شديدًا وحين حدثتها عن التنويم المغناطيسي رجتني أن أقوم بعمل تلك الجلسة معها.. كنت متحمسًا مثلها وخاصة ان كل ما قمت به أثناء الدراسة كان تدريبات مع زملاء الدورة نفسها.. جلست قبالتي وبدأت بالتكرار اللفظي البطيء ثم بدأت أرسم الصور العقلية المناسبة حتى أحسست أن شيرين قد استسلمت تمامًا لي.. بدأت أتحاور معها وهي على تلك الحال عن طفولتها وأحداث من الماضي.. بدأت تتجاوب بشكل مدهش لدرجة أنها بدأت تحكي لي عن ذكريات مبكرة جدًا لم اتخيل أنه من الممكن أن نتذكرها بشكل طبيعي.. ولكنها فجأة بدأت ملامحها تنزعج عند ذكر رحلة قامت بها وأسرتها الي قريتهم وبدأت نبرة صوتها تخفت وهي تتنفس بصوت عال.. بدأت في مسار الاستيقاظ المنتظم الذي تعلمته وحينما افاقت تمامًا سألتني بعيون واسعة عن نتيجة الجلسة.. ابتسمت وقلت يبدو أن فيها ما سيحتاج جلسة قادمة.. أخذت تسألني ماذا أعني وبينما أكلمها عما اخبرتني به أشرت للموضوع تلك الرحلة التي بدا عليها أنها لا تذكر أطلاقًا أي شيء عنها.. بعد عدة أيام. وفي لقاء لنا طلبت منها هذه المرة أن نستكمل جلستنا السابقة فوافقت. وتعمدت أن اخذ ذهنها المستسلم اثناء جلسة التنويم إلى ذات الرحلة وطلبت منها أن تذكر التفاصيل.. وكما توقعت فقد تركها والداها وأخوتها أسبوعين في ضيافة الأهل في قريتهم.. وكان عمرها لا يتعدى الخامسة في ذلك الوقت ويبدو أن شابًا من أبناء المضيف تعمد التحرش بها عدة مرات في البداية بالمصادفة عن طلبها لركوب الحمار كباقي الأولاد والبنات وبعدها في كل فرصة سانحة كما هددها بانه سيكشف الأمر لأهلها أذا تكلمت.. كانت شيرين تحكي وهي تنتفض وبدأ تنفسها يأخذ منحنى ثقيل وقوي أحسست ان لونها يميل للأزرق وأنها ستفقد الوعي والقدرة على التنفس أسرعت أحاول ايقاظها ولكنها عندما فتحت عينيها أحسست أن الإنسانة التي تنظر لي ليست شيرين التي اعرفها.. كان في نظرتها شيء من الحقد والكراهية لم اعرف سببهم في وقتها.. وحاولت أن اهدئها لكنها طلبت ان تغادر فورًا.. وبالفعل غادرت حتى بدون أن تنتظرني. بعد عدة أيام سالت هويدا عنها فقالت إنها مؤخرا تتسبب بمشاكل كبيرة في المنزل وتصرخ في الجميع بلا استثناء. طلبت منها أن أرها فدعتني لمنزلهم.. عندما انفردت بها اخبرتها أن جلسات التنويم التي قمنا بها هي السبب وبدأت احكي لها عن الحادثة التي طمرها عقلها في صندوق مظلم للذكريات في زاويته وللأسف أثناء جلستنا للتنويم المغناطيسي فتحنا هذا الصندوق.. نظرت لي وعينيها مصعوقتان وهي مازالت غير مصدقة أني اعرف بشأن هذه الاحداث التي هي نفسها كانت تنكر وجودها قبل أيام مضت.. امسكت بيديها بحنان وقلت لها أن الحل الوحيد بيديها أن تسمح لي بجلسة للتنويم المغناطيسي لندفن تلك الذكريات حيثما كانت.. استجابت بصعوبة وبدأنا بطريقتي المعتادة حتى عدنا لنفس النقطة من الحكاية وعندها بدأت اوجهها أن هذا الشخص لم يستطيع أن يتواصل معها وأنه كلما بحث عنها لم يجدها وغيرت سيناريو الذكرى تماما حتى أنني اقنعتها خلال الجلسة أنه سقط من فوق الحمار وظل مريضا طوال الفترة التي تلت زيارتهم لتك القرية.. ظننت وقتها ان الموضوع قد تم علاجه نهائيا ولكن للأسف كانت شيرين و في أوقات متباعدة تلح عليها تلك الذكري وكأنها تحاول ان تتفلت من الزاوية التي حبسناها فيها.. طلبت من هويدا أن تنسق لي موعد مع شيرين وبالفعل جلسنا سويًا وقمت بذات الأمر مرة اخري وعندما افاقت شيرين نظرت في عينيها الواسعتان في صمت فوجدتهما قد عادا صافيتان.. ابتسمت لها وناديت على هويدا التي جاءت وهي تنظر نحونا غير مصدقة ان الفتاة الهادئة التي تجلس قبالتي هي شيرين نفسها.. بعد جلستنا الطويلة ودعتهما حتى انصرفا.. توجهت الي غرفتي ونمت.


Sunday, January 1, 2023

وجوه.. رواية في حلقات منفصلة (الحلقة الحادية عشرة)

 

التحقت بالعمل هنا منذ أربعة اسابيع تقريبًا.. جاءني اتصال أخبرني أنهم يطلبون خدماتي في هذه الشركة. بعدما أنهيت مقابلتي العمل الأولي والثانية تقدموا لي بعرض مغر للغاية لم أستطع معه الرفض وخاصة اننا نعيش في دولة خليجية مصاريف الحياة بها مرتفعة للغاية.

في النهاية كنت اوقع العقد في المكتب الذي لاحظت منذ الوهلة الأولي أنه مكتظ بالسيدات على عكس معظم اماكن العمل بالشركات المماثلة بالخليج. لم تكن لي علاقات مباشرة بقسم الموارد البشرية فعملي بإدارة الحسابات يجعل اتصالنا محدود ربما عدة مرات في الشهر يطلبون فيها أوراقا شخصية او تحديثًا للبيانات وخلافه. بدأت ألاحظ نادية في طريقي للخروج من المكتب.. جسم ممتلئ باعتدال خصر نحيل ومؤخرة نموذجية تحبسها داخل بنطال من الجينز يبرز اتساعها المرضي. شعرها مموج مصفف بهذا الاسلوب منذ رأيتها وعيون مكحلة بعناية بها فتنة لا يمكنك ألا تلاحظها. تنوعت قمصانها التي ترتديها بين مكشوفة الصدر أو الظهر إلى مكشوفة الأكتاف والتي كانت صرعة الموسم في ذلك الوقت لكنها كانت لابد وأن تكون مكشوفة من مكان ما تبرز بشرة بضة ناعمة تلائم سنوات عمرها الثلاثين..

في الاسابيع التالية اعتدت ان اختلس النظر إليها كلما زرت القسم أما للثرثرة مع مديرتها القصيرة أو لتبادل الاوراق بين قسمينا وقد أعجبني للغاية عنايتها بأصابع أقدامها وصبغها الأحمر الدموي وارتدائها ما يبرز جمال تلك الاقدام.

في إحدى المرات لاحظت قصاصة من جريدة تبقيها على مكتبها لفتت نظري.. فهي لرجل ياباني يملك شركة شهيرة جدا لصناعة السيارات وهو يصف كيف أن وقت الراحة يساوي عنده أهمية وقت العمل بالنسبة لموظفيه فعلقت على الصورة رغمًا عني بأنه خيال الحديث عن كوكب اليابان كما يحلو للبعض ان يسميه فنظرت لي وهي تؤكد على كلامي. تبادلنا أطراف الحديث وسألتها عن الطريقة التي تقضي هي فيها وقتها لتستمع بالوقت طالما هي تراها اوقات مهمة كأوقات العمل تمامًا ابتسمت وقالت انها ومع وجود طفلتاها قد تقلص هذا الوقت تماما لكنها مازالت تقتنص بعض الوقت لنفسها وزوجها بعد الاستعانة بجليسة مناسبة للطفلتين. ثم وبعفوية شديدة دعتني لحضور حفل لمجموعة تنتمي إليها على واحدة من وسائل التواصل الاجتماعي.. رحبت بالدعوة متحمسًا وانا أشرح أن السبب الرئيسي لقبول تلك الدعوة هو رغبتي في تكوين صداقات جديدة وأن كان السبب الحقيقي هو ليس إلا للاستمتاع برؤيتها تتحرك في المكان ومعاينة جسدها الفائر وتقاسيمه المغرية.

وصلت لبهو الفندق في الميعاد تقريبا اعلمتني هي انها ستحضر الحفل بصحبة زوجها الذي كان مرحا لأقصي حد يضاحك هذا وتلك وبدا لي أن لهم اصدقاء كثر في تلك المجموعة التي تنتمي إلى المجتمع الراقي بالمدينة. في صالة شبه مظلمة عزفت موسيقي ما وتداول الحاضرون الخمور وغيرها.. امتنعت عن الشرب كعادتي واكتفيت بمشروب غازي مثلج وتوجهت إلى المقاعد التي أستطيع منها متابعة المكان من بعيد..

رأيتها تتحرك وزوجها لبعض الوقت ثم انفصلا واستئنافا ثرثرتهما مع الجميع تقريبا. كنت مستمعا للغاية بمتابعة ازياء الاجواء الليلية التي غلب عليها الالوان الفضية والكحلية البراقة العاكسة للضوء وقد أدت عملها علي خير وجه فكانت ملفتة للنظر تكشف التفاصيل والبروز والاخاديد وتنبئك بتضاريس الارض التي تغطيها او تحاول.

تعرفت في جلستي على نيرمين وهي سيدة تعيش في ذات المدينة منذ سنوات. تقترب من نهاية العقد الثالث غير متزوجة وقد شدني حوارها مع جار لي في الجلسة وهي تقول ان المرأة كالسيارة يحب الرجل أن يشتريها طالما هي متعافية في مغير السرعات و"الشاسيه" والمحرك تماما ما ينطبق عليها هي أيضًا وقد جاء هذا الرد على سؤاله المحرج عن لماذا لم تتزوج حتى الآن. تدخلت في الحوار رغمًا عني فالسيدة جميلة ترتدي فستان قصير من الدانتيل باللون الابيض يبرز مفاتنها على نحو كبير وقلت ان السيارات قد يبلي موديلها حتى مع تلك المواصفات ولكن المرأة المتجددة لا ينطبق عليها هذا القانون وصحيح ان التشبيه يفتح الباب للخيال لكنه حتى وأن كانت ولابد مُشبهة المرأة بالسيارة فلتكن سيارة بورشة أو بنتلي أو حتى رولزرويس.

ندت منها ضحكة عالية للغاية فاجئتي فالتفت حولي متحرجا فوجدت نظرات معظم الحاضرين وقد توجهت نحونا. ابتسمت وسألتها عن المجموعة واوقات اجتماعهم وبدأت تشرح لي كيفية الاشتراك فيها لمتابعة الاجتماعات التي يقيمونها من وقت لأخر وأنها اختارت هذا الطريق للتعرف على الاخرين نظرا لطبيعة الحياة في الخليج والتي يكون من الصعب فيها تكوين صداقات شخصية.

وبينما انهمكت معها في الحديث وقد بدت لي لطيفة إلى حد كبير. انضمت إلينا نادية التي كنت قد بدأت أنسي متابعتها لوهله بتأثير نيرمين. أري أنك تعرفت الي ناني يا حامد.. ابتسمت لها نيرمين وقالت لها في لهجة لم اتبين مغزاها اذا فانتم أصدقاء ضحكت نادية بطريقة بدت لي مفتعله وهي تومئ برأسها وتقول أنا من دعوته للحفل يا عزيزتي قالت عبارتها تلك وهي تنحني نصف انحناءة وتلوح بيديها في طريقة تمثيلية ورغمًا عني التقطت عيناي استدارة نهديها اللذان تحررا لوهله خلال تلك الثواني ورفعت عيني بسرعة لكنهما اصطدمتا بعيني نيرمين التي يبدو وانها كانت تتابعني منذ البداية... ابتسمت ثم انخرطنا في حديث متشعب لاحظت فيه ان نادية ونيرمين مقربتان للغاية..

في نهاية السهرة وضعت نادية يدها على ذراعي وهي تقول ارجو ان تكون السهرة اعجبتك.. ثم اردفت كنت اتمني ان اعرفك على ريمون لكنه ككل مرة بمجرد أن ندخل المكان ينخرط مع اصدقاءه وصديقاته وينساني.. قالت اللفظ الاخير بلمحة من الأسي لم تخطئها أذني.. فجال في عقلي رغما عني فكرة أن يعزف رجل عن تلك الأنثى الماثلة امامي ولم أجد لها تعبيرا غير الأنثى لما بدا من إغواء في هيئتها بهذا البنطلون الجلدي الضيق والبلوزة الصفراء المكشوفة الصدر والظهر وحليها البراقة وشعرها المتماوج وزينتها الأنيقة وبينما أرد عبارتها بمجاملة استحقتها عن جدارة فوجئت بنيرمين تتأبط ذراعي وتدفعني برفق نحو الباب وهي تقول في كلمات بدا واضحا فيها أثر السُكْر عفوا يا نودي سأجعل حامد يوصلني للسيارة يبدو أني شربت أكثر من اللازم اليوم.

ازعجتني رائحة الخمر من فمها لكني أحببت دفء جسدها حينما التصقت بي ابتسمت لنادية وسلمت عليها وراقنتي جدا نعومة بشرتها عند تلامس كفينا وبينما اغادر اضررت ان احيط خصر نيرمين بيدي حتى لا تسقط سمعت من بين شفتي نادية تنهيدة تغافلت عنها وتوجهت للمصعد..

حالما وصلنا للمرأب اعطتني نيرمين مفتاحها وهي تسألني ان أجد سيارتها لأنها تشعر بعدم التركيز. بحثت عن السيارة ثم وضعتها على مقعد الراكب.. وكنت قد قررت ان اترك سيارتي واوصلها لأنها بالتأكيد ستصنع كارثة إذا قررت ان تقود سيارتها وهي في مثل تلك الحالة.. انطلقت بالسيارة اسألها عن العنوان فكانت تترنح وتجيب بطريقة لم افهمها..

ارسلت لنادية لترسل لي العنوان فأرسلته مندهشة.. شكرتها وتوجهت للعنوان واستخدمت سلسلة مفاتيح نيرمين في فتح الباب الامامي للفيلا حملتها تقريبا حتى صعدت بيها لغرفة نومها واسجيتها على سريرها وقمت بتغطيتها بعدما نزعت حذائها واطفئت الانوار ثم طفقت عائدا للفندق لأخذ سيارتي.

بعدها بيومين او ثلاث جاءت نادية لأول مرة لمكتبي تسلمني النسخة الورقية من ملفات مطلوبة من قسمهم عن طريق البنك كانت ترتدي فستنان رسمي يصل لركبتيها بدت انيقة للغاية ولم أستطع ان ارفع عيني عن خصرها الضيق وهي تقف قبالتي وبينما هي تخرج من المكتب قالت في عفوية. نيرمين تبلغك تحياتها وتشكرك على توصيلها يوم الحفل.. ابتسمت متحرجا وقلت مغمغما انه لا داعي لذكر الامر فقالت بالتأكيد فهو عمل طبيعي من اي جنتلمان ابتسمت للكلمة فأردفت وهي تريدك ان تحضر حفل عيد ميلادها في اول الاسبوع القادم.

نظرت لها مندهشا للحظة كأني لم اتوقع تلك الدعوة نبهتني قائلة ما رأيك. قلت مفكرا شيء غريب ألا تدعوني صاحبة الحفل بنفسها ولكن ربما كانت تتقي أي حرج من رفضي للدعوة انما على كل الاحوال أعتقد أنني لست مرتبطا بأي مواعيد اول الاسبوع القادم.. قالت إنني سيكون عليَّ ان أوصلها.. لان ريمون في اندونيسيا في رحلة عمل.. هززت رأسي انه من دواعي سروري فابتسمت وخرجت تتبعها عيناي...

مرت الأيام سريعًا في زحمة العمل وفي مساء الاحد هاتفتني نادية وقالت انها تنتظرني بعد ساعة تقريبا لحفل نيرمين.. خبطت رأسي بكفي فقد نسيت تماما موضوع الحفل هذا.. وقمت كالصاروخ لأحلق ذقني وأرتب شيئًا ارتديه.. نزلت مسرعًا وحاولت مسح السيارة التي أعتلاها التراب واظن أني نجحت..

أمام الفيلا التي تسكنها نادية توقفت ثم هاتفتها فرأيت باب المرأب يفتح فدخلت. نزلت من السيارة ووقفت بجوارها في انتظارها. بعد دقيقتين رأيتها تخرج من باب المنزل في فستان ضيق قصير باللون الفضي بحمالات على الأكتاف يبرز استدارة ساقيها وردفيها وفوقه عقد من اللؤلؤ يسيل حرفيا على نهديها وقد عقصت شعرها بطريقة لطيفة وزينته بحبات من اللؤلؤ أيضا. اندهشت وأنا أسألها بعد صفير مناسب للوحة الفتنة التي أراها امامي متي استطعت ان تتأنقي هكذا وما هذه الحقيبة الصغيرة بين يديك عبست بطريقة طفولية وقالت ماذا تقول ألست دائما متأنقة؟ اسرعت أقول انها بالفعل دائما ما تبدو متأنقة وترتدي أحدث الصرعات وهو ما يثير حسد كل السيدات وحتى الفتيات من حولها..

ابتسمت في رضا وقالت الذي في يدي هو هدية نيرمين. خبطت رأسي للمرة الثانية براحتي وانا أقول: مغفل كيف نسيت امرا كهذا. ضحكت في جذل وقالت لا تكترث هناك محل للهدايا قريب من المنزل يمكنك اختيار بوكيه من الورود فهو يصلح لكل المناسبات نظرت لها في امتنان وركبنا السيارة.

قالت لي انه برغم محاولاتي لإخفائه فإن التراب مازال يظهر على السيارة ضحكت وانا اقول إن التراب الذي يعتلي كل شيء في هذا البلد الصحراوي يتكاثر يوم بعد يوم بعد كل تلك الاعتلاءات.. ضحكت بصوت عال وقد راقت لها المزحة وقالت دعنا نمر بمغسلة السيارات داخل المحطة القريبة. ذهبنا لمحل الهدايا وانتقينا بوكيه من الورود ثم عرجنا على مغسلة السيارات الأوتوماتيكية..

وبينما نحن جالسان تجاذبنا أطراف الحديث وانا متوجه اليها بكل حواسي وهي تجلس بجواري وقد قرر فستانها القصير بعد جلستها ان يصل لحد أصبح معه الوضع خطرا وخاصة انها لم تحاول إخفاء قصره الواضح حتى بتلك الحقيبة النسائية الصغيرة التي وضعتها بجانبها. بعد نصف الساعة وصلنا لفيلا نيرمين وانا أقول ليها يبدو انني الوحيد الذي يعيش في سكن متواضع في هذه الدولة.

ابتسمت وهي تقول إن فيلا نيرمين توفرها الشركة التي تعمل فيها مدير التسويق وفيلتها توفرها شركة ريمون زوجها وهكذا فإن شقتي التي أتكفل بها انا ربما تكون أكثر قيمة من الفيلتين مجتمعتين. نظرت نحوها في إعجاب فقد كانت كلماتها تحمل التقدير وبأسلوب راقي احببته ورأيت ان جمالها المثير ليس هو مزيتها الوحيدة..

نزلت من السيارة مسرعا افتح لها الباب فمدت يدها نحوي فاستلمتها في رقة وانا اساعدها على النهوض من كرسي السيارة وعيناي تحاولان إخفاء اعجابهما بهذا لجسد المنحوت على يد فنان بالغ بإفراط في اظهار مفاتنه وبينما هي تنزل من السيارة ندت منها آهة بسيطة رنت جميع أجراس الإثارة في عقلي الذي حاولت تشتيته بالعد عكسيا من مائة حتى الخمسين وفشلت تلك المحاولة تماما.. دخلنا المكان الذي احسسته مزدحم وقد بدأت نادية تسلم على اصدقائها المشتركين مع نيرمين وتعرفني عليهم وانا ابتسم واشير برأسي في ايماءات مجاملة..

انفلتت نادية من يدي واتجهت نحو اصدقائها ومعارفها واتجهت نحو واحدة من الطاولات ازدانت بألوان عديدة من الحلويات الغربية.. وبما أنى تقريبا لا اعرف الا القليل جدا عن هذه الحلويات مددت يدي نحو أقرب طبق ووضعت به بعض قطع "الجاتوه سوارية" الصغيرة وكان هناك من يمر بصينية محملة بكؤوس بها سائل ما.. يفور.. سألته بالإنجليزية.. غير كحولي هز رأسه بإيماءة أن لا.. وهو ما يعني ان معظم ان لم يكن كل من في هذه القاعة يشربون الكحول حاليًا.. اكتفيت بطبق "الجاتوة" الصغير وتوجهت نحو ركن البهو الواسع للفيلا حتى لا اعيق حركة الزوار الذين كانوا مازالوا يتوافدون.. بعد دقيقة كانت نيرمين تنزل من الدور العلوي.. وكأنها تعمدت الا تكون في واحدة من الغرف السفلية بالفيلا لتدخل الحفل بهذا النزول الدرامي.. 

كيف تستطيع تلك المرأة ان تسبب كل هذه الرغبة في العيون.. حتى السيدات أحسست بهن ينهلن من طلتها بفستانها الأسود الضيق القصير للغاية والمزدان بحبات ألماسية رسمت مفاتنها بعناية وانعكست عليها أضواء الحفل لتعطيها بريقًا فوق بريقها وقد علقته على جسدها بحمالتين رفيعتين على الكتفين.. نزلت نيرمين ببطيء على الدرج والجميع يصفقون لصاحبة الحفل التي كانت في قمة تأنقها وقد علت وجهها ابتسامة عريضة.. وقفت كالجميع أتأمل نزولها وانا اقاوم رغبتي في النظر نحو مؤخرتها البارزة وأبدي بعض الكياسة في التركيز على ملامح وجهها الجميل.. لاحظت ان هناك خادمتين يتبعونها ولفت نظري انهما تتسلمان الهدايا نيابة عنها من المدعوين.. وسالت نفسي أين كانتا عندما اوصلتها لبيتها بعد الحفل الذي تعرفت عليها فيه.. هززت رأسي متجاوزا السؤال.. وبعد عدة دقائق قضيتها في مطالعة رواد الحفل من السيدات الفاتنات والآتي ارتدين مجموعة واسعة من الفساتين البراقة والتي تعمد صناعها ان تظهر وبكل وضوح مفاتنهن العديدة.. كن كفروع الأشجار تتمايل في غنج وجمال.. وقتها أدركت ماذا قصد الباردوي حين قال بيت شعره الشهير "تهتز في فرعها الفينان من سرق.. كسمهري له من سوسن عذب".. 

كانت نيرمين قد اقتربت من المكان الذي وقفت فيه حاملا بوكيه الورود البيضاء والتي اخترتها أملا ان تعجبها.. توجهت نحوي وكأنها ستحتضنني وتعجبت من طلاقتها وهي تأخذ باقة الازهار من يدي وهي تصيح بي.. أوووه محمود كيف علمت ان الليلك هو زهرتي المفضلة.. ابتسمت متمما بعبارات لا اعرف شخصيا ماذا قلت لها.. وكيف لي ان اعرف انها زهرتها المفضلة.. بل كيف لي ان اعرف ان تلك الزهرة البيضاء الصغيرة الجميلة اسمها.. "ليلك" من الاساس.. قلت في النهاية.. انت زهرة جميلة نيرمين وقد اخترت أجمل الزهور رائحة وأقربها لطلتك الجميلة.. تقدمت منها إحدى الخادمتان لتأخذ الباقة فنهرتها.. وقالت بصوت عال وبإنجليزية سليمة.. كلا سأبقى البوكية معي فهذه ازهاري أنا.. لم أكن اعرف ان الكلمات قد يكون وقعها على الانسان قويا لهذه الدرجة.. فهاتان العبارتان كان لهما من الأثر علي حتى انني شعرت ان الحفل ليس فيه إلا أنا وأن كل اضواءه قد تسلطت على وجهي تماما.. ابتسمت في خجل وانا أسحب يدي برفق من يد نيرمين فتحركت الي جانبي وبدأت تعرفني هي الأخرى بمعارفها واصدقائها.. بعد ثوان اقتربت نادية وقبلت نيرمين بعدما اعطتها هديتها وقالت أرى ان ازهار حامد أعجبتك وهي تنظر لي نظرة ذات مغزى.. اجابتها نيرمين نعم اعجبتني للغاية شكرا لك حامد على الموافقة على الحضور.. 

كان هذا الكم من المجاملات كثيرا جدا علي.. اعتذرت من السيدتان للتوجه للحمام.. وفي قرارة نفسي كنت اهرب نحو مكان انفرد فيه بنفسي.. قادني أحد الخدم الي الحمام وبعدما نثرت بعض الماء على وجهي خرجت اتحسس طريقي نحو الحديقة حيث عدد اقل من المدعوين وخاصة ان الجو صيفي والرطوبة في هذا البلد تجعلها بطولة من أي انسان ان يستطيع قضاء الوقت بالخارج بعيدًا عن أجهزة التكييف حتى في الليل.. وان كان يدهشني البريطانيين والكنديين تحديدًا والذين يبدون استمتاع غير طبيعي بالجو الحار والرطب بل ويجلسون في الخارج يتبادلون أحاديثهم وكأنهم تحت أجهزة التكييف.. قررت بعد قيل انه حان الوقت للرحيل ولكن لابد ان تكون نادية قد قررت ذلك أيضا.. 

دخلت للبهو الكبير فوجدتها تتحرك نحوي مباشرة.. حامد أخص عليك اين كنت.. كنت في الخارج يا نادية في الحقيقة المكان مزدحم للغاية وانا تقريبا لا اعرف الا أنت ونيرمين ولا اريد أن اخذكما من اصدقائكما.. نظرت لي نظرة عتاب امسكت بعدها يدي وهي تقول هيا بنا.. استسلمت لها وهي تشدني نحو السيارة الرابضة على مدخل الجراج الكبير.. سألتها ألن تودعي نيرمين.. اومأت برأسها ان لا.. ستأخذك مني.. لم اتفوه بحرف وهي مازالت ملامحها متجهمة.. ركبت السيارة وادرتها واتجهت نحو الطريق المؤدي لبيتها.. وضعت يديها على يدي الممسكة بالمقود وهي تقول.. توجه نحو اللؤلؤة حامد لو سمحت.. اللؤلؤة.. مدينة عائمة هي درة الدولة الخليجية التي نعيش فيها وشوارعها من الجمال بمكان تأخذك في عالم سحري جميل.. 

توجهت نحوها وبدأت اسير بالسيارة الهويني وانا اراها بطرف عيني قد توجهت بنظرها نحو الزجاج المجاور لها تطالع البنايات والمحلات والشوارع.. وما هذا..؟ هل تنحدر من عينيها دموع. لم اعد افهم أي شيء وتوقف عقلي عن التفكير.. اشارت نحو منطقة واسعة لركن السيارات مقابلة للبحر تماما.. ركنت السيارة استجابة لطلبها.. نزلت وتوجهت نحو الشاطئ وبعفوية خلعت حذائها ذو الكعب العالي في بداية الشاطئ وتوجهت نحو الماء حتى خلتها ستدخله فلحقتها بسرعة فالتفتت نحوي وارتمت في حضني فاحتويتها بهدوء وعلى الضوء الخافت القادم من الاعمدة البعيدة رأيت دموعها تنساب وقد بدأت تنشج بصوت عال لم أدري لما بدا لي مثيرا وقتها.. ورفعت رأسها نحوي وهي تقول أنا اسفة جدا حامد أنا مش عارفة ايه لعب العيال اللي انا بعمله ده.. منحتها أفضل ابتسامة استطعت ان ارسمها على وجهي وانا أقول.. انا شخصيا اشكر لعب العيال الذي جعلك في حضني الان.. وكزتني بيديها في صدري وهو تقول ضاحكة.. انت مش بتبطل.. أمسكت بيديها الجميلتين وانا أقول لها بسرعة.. قصدك ايه يا فندم.. ضحكت ضحكة عذبة جميلة وهي تقول.. انت مش بتفكر غير في كده.. صدمتني للمرة الالف في هذه الليلة وهي تقول.. دايما عينك عليا.. شفتك من اول يوم على فكرة.. رددت وانا اتلعثم.. هو انا باين عليا اوي كده.. ضحكت مرة اخري.. وهي تقول بتعجبني لما بتتكلم بعفوية.. امسكت يديها وقبلتها وقلت مباشرة.. غصب عني الحقيقة.. جمالك أخدني على خوانة.. امسكت يدي وقبلتها هي الأخرى فأحسست بالدم يندفع في راسي وفي كل أجزاء جسدي في الحقيقة.. آلهة الفتنة هذه بين يدي تقبل أصابعي بتلك النشوة.. لقد ان الأوان لهذا الحلم ان ينتهي..

فوجئت بها حينما نظرت في عيني وهي تقول وكانها تقرأ أفكاري.. هل أحلم يا حامد.. لقد تمنيت هذه اللحظة منذ كنا في الحفلة سويا.. واحسست ان نيرمين ستأخذك منى.. أنىَّ لي أن انافسها وانا أم لطفلتين وليس لي نصف بهاؤها.. وها نحن قد انتهى بنا الامر هاهنا.. اجبتها بهدوء أنني أنا أيضا معجب بها للغاية.. وعلى الرغم من اني لا أنكر فتنة نيرمين.. ولكني لم احضر أي من تلك الحفلات الا لأكون بجوارها.. ابتسمت في رضا وقالت هيا بنا لقد تأخرنا ولدينا عمل في الغد.. امسكت بيديها وبينما نسير على الرمال.. التقطت انا حذائها الصغير وتعمدت ان تجلس بالسيارة والبسها إياه بيدي وانا انظر في عينيها التي قالت ما لم تقولها شفتاها.. في الطريق للبيت تعانقت كفانا حتى وصلنا لفيلتها انزلتها وسلمت عليها وانا اضغط على كفها في عناق بادلتني إياه يداها.. وتوجهت الي منزلي منتشيًا بتلك الليلة المشحونة بالعواطف الجياشة.. في طريقي رأيت على شاشة جوالي عدة رسائل من نرمين.. لم افتحها عامدا وبمجرد ان طلعت الي شقتي الصغيرة.. ابدلت ملابسي وتوجهت نحو سريري ونمت.