Tuesday, April 30, 2024

وجوه.. رواية في حلقات منفصلة (الحلقة الرابعة عشرة)

 حينما بدأ سعفان يحكي لي عن زميلنا محجوب والذي تزوج مؤخرا وهو على مشارف الخمسين فتحت فمي من الدهشة.. محجوب رجل رزين أعرفه جيدًا منذ خمسة عشر عاما على الأقل.. رجل موزون يحسب الكلمة قبل التلفظ بها بخلاف اهتماماته بمسؤولياته المادية والعملية والأسرية.. ورجعت بمسند مقعدي للوراء وانا انظر للسقف متأملا.. ما الذي دفع رجل مثل محجوب للإقدام على هذا الخطوة المهمة في حياته وخاصة وأنه يحظى بمكانه اجتماعية مميزة في عائلته وكذلك اسرته الصغيرة بين ابنتيه الجميلتين اللتين رزق بهما بعد زواجه منذ عشرين عام تقريبا.. وخطر في بالي انها ربما وتكون ازمة منتصف العمر التي تحدث للمتزوجين والتي صورها المخرجين في العديد من الافلام الغربية والتي أتذكر منها فيلم أزمة السنة السابعة للفاتنة مارلين مونرو والذي يتعرض لهذه المشكلة التي تحدث كل سبعة سنوات لأي علاقة زوجية.. انتبهت على صوت سعفان الجش وهو يقول.. رجل غريب والله.. وأيضًا يأخذ إجازة أسبوعين حتى يرتاح قليلا معها.. كان الوقت مبكرا في اليوم وفي الحقيقة كان لدي أطنان من المعاملات التي تحتاج ان اراجعها قبل ان أرسل الورق لسميرة لتراسل الموردين فاستأذنت منه أن استكمل العمل وربما نناقش هذا الموضوع لاحقا.. فخرج يضرب كفيه وهو يكلم نفسه فاضحكني مظهره الذي بدا كالمجاذيب.. غرقت وسط أوراقي كالعادة وقبل نهاية اليوم طلبت من مها السكرتيرة المنقولة حديثًا لمكتبي أن تبلغ سميرة ان أوراق الموردين جاهزة.. وبينما انا في طريق للموقف السفلي متجها نحو سيارتي نزلت سميرة من سيارتها وهي تهتف.. لماذا تأخرت هكذا.. انا انتظرك في السيارة منذ ساعة تقريبا.. ضحكت وانا أقول لها.. انت تعرفين أنى لا اغادر قبل ان أرتب أعمال الغد واخذ معي ما يحتاج ان اراجعه في المنزل.. قالت في سرعة.. لا لا عليك تأجيل عمل ما بعد العودة للمنزل هذا اليوم.. فانا أريد ان اقضي اليوم معك نتناول الغداء في مطعم الركن وربما ذهبنا للسينما إذا كان هناك وقت.. ابتسمت لها ابتسامة واسعة وانا أقول وهو كذلك.. قفزت في سيارتي بعدما احضرت حقيبتها من سياراتها الرياضية الصغيرة وتوجهنا نحو المطعم مباشرة.. حاولت اقناعها ان نعرج على المنزل لاستحم وأبدل ملابسي فأبت.. وقالت انت مناسب هكذا وفي النهاية انا من ستشاركك الغداء فلا يهمني حتى ان كنت بملابسك الداخلية فضحكنا سويا ووصلنا للمطعم بعد نصف ساعة تقريبا.. كان اللحم شهيا والطهو رائع استدعي من الإشادة بالطاهي الماهر وأيضا ان ننقدهم بقشيش ملائم جلسنا بعد الغداء نتحدث في هذا وذاك وجاء ذكر حكاية محجوب زميلنا الذي تزوج مؤخرا.. بعدما تحركنا نحو صالة واسعة خارجية جلها عبارة عن كنبات ثنائية وثيرة المقاعد غيرت سميرة مقعدها وانتقلت الي جواري بعدما طلبت من الجرسون فنجانين من القهوة وجلست تريح ظهرها على مسند الكنبة الجانبي وقد خلعت حذائها وجعلت اقدامها ملاصقة لرجلي وهي تقول.. من اين عرفت الاخبار يا عزيزي.. هل لديك وقت للنميمة ام ان هويدا تكفلت بنقل التفاصيل إليك.. ضحكت بصوت عال وانا أقول.. لا يا عزيزتي ليست هويدا.. انه سعفان.. جاءني اليوم صباحا في مكتبي وطفق يرغي ويزبد عن الموضوع وكيف ان محجوب أخطأ وانه في ازمة منتصف عمر الي مثل هذا القبيل.. ولكن يبدو من كلامك ان الموضوع معروف في الشركة.. لطالما كنت خارج دائرة النميمة تلك.. اشعر دائما ان الشركة هي مسؤوليتي فلا يعجبني ان يضيع جزء من وقت العمل وخاصة في الأيام المتخمة به في الحوارات الجانبية التي لا طائل منها وسميرة تعرف عني ذلك جيدا ولذلك نادرا ما نتبادل الحديث خارج إطار العمل الا في سهرات المكتب التي قلت كثيرا مؤخرا بعد تنظيم العمل وتزويدنا العديد من الموظفين الجدد مثل هويدا وأسماء وسعفان وغيرهم.. قالت وهي تنظر نحوي وقد بدأت تعبث بأصابع قدمها الطويلة في رجلي.. هل تعرفها.. اشرت برأسي أن لا.. عاجلتني بسرعة وهي تقول.. سوار.. الفتاة السورية التي تعمل في شركة الكيماويات التي انجزنا لها الشحنة الكبيرة العام الماضي.. ارتفع حاجبي دهشة وانا أقول.. بلي تذكرتها الأن.. يا إلهي تلك الفتاة القصيرة الممتلئة.. انها جميلة بحق.. ولكن كيف لمحجوب وهو قارب الخميسين وسوار التي لا اظنها تزيد عن خمسة وعشرين عاما.. ابتسمت وهي تقول مازلت مجاملا لجميع النساء يا عزيزي حتى في عدم وجودهن.. انها في الرابعة والثلاثين يا عزيزي.. وانا اعرف كيف في الحقيقة.. توجهت بجسدي نحوها وانا أتساءل.. تعرفين.. نظرت نحوي في خبث وهي تقول.. نعم جاءتني كل التفاصيل على طبق من فضة.. محجوب يعمل لدي في القسم وعندما كان في اجازته المرضية منذ عدة شهور كنت اعمل على حاسوبه من وقت لأخر.. لم يكن لي أي هدف للتلصص على خصوصياته ولكنه يبقى حافظة ملفاته على سطح المكتب.. وقالت مندهشة.. أي موظف هذا الذي يبقي ملفاته الشخصية على سطح المكتب بل وبرامج المحادثة الخاصة به مفعله على جهاز العمل وليس الجهاز الشخصي.. على كل الأحوال.. حينما فتحت حافظة الملفات تلك فتحتها بالخطأ في البداية.. وبمجرد إلقاء نظرة عليها ظننت أنها مقاطع جنسية لفتاة من موقع من تلك المواقع العربية المنتشرة لكن ما وجدته هناك لم يكن كذلك.. وانا أولا وأخيرا انثي ولا أستطيع ان أكبح جماح رغبتي في المعرفة.. وفي احدة من سهرات عملي .. بدأت مشاهدة تلك المقاطع والصور والصوتيات.. فوجدتها ليست فتاة عادية.. انها ساحرة بالمعنى الحقيقي للكلمة واعترف انني ان كنت رجلا كنت لأذهب زاحفا لتلك الفتاة لتقبلني شريكا بأي صورة من الصور.. استولت على فضولي تماما سميرة وانا اعارضها وأقول لها.. ليس لهذه الدرجة.. قالت بسرعة بكل أكثر من هذه الدرجة.. الفتاة كانت تراسله ليلا ونهارا.. ولا تخاطبه الا بسيدي.. ورايتها في معظم فيديوهاتها تسأله ان كان هذا اللون هو الذي يقصده او هذه الوضعية او هذا الكلام مما يعنى انها كانت وبشكل ما تشعره بأنها تنفذ أوامره.. ملت بجسدي للوراء وغصت في الكنبة الوثيرة وانا أقول لها انني اعرف هذا عن الشاميات أيضا.. فقد كان لي صديقة من بينهم خلال فترة من حياتي وهن بارعات في السيطرة على عقول رجالهن بطرق قد تبدو أنها تحتال على العقل ولكنني اظنها مشروعة في أي علاقة عاطفية جسدية.. وسرح عقلي في تفاصيل تلك الأيام وكيف ان تلك الفتاة ربطت قلبي وجسدي بها بشكل كبير ولولا المقادير لكانت مازلت من المقربات.. ابتسمت سميرة وهي تنظر داخل عيني مباشرة.. تذكرت صديقتك الشامية.. ضحكت وانا أقول وها انت تقرأين الأفكار الان.. ابتسمت ووضعت يدها في وسطها وهي تقول.. ولماذا لا تتذكرني انا بدلا منها.. ارتفعت ضحكتي رغما عني وانا امد يدي وامسكت يدها واقبلها وأقول وكيف اتذكرك وانا لا انساك من الأساس.. مخادع قالتها وهي تضع يديها على شفتي لأقبلهما مرة اخري ففعلت وبينما نحن في الطريق نحو موقف السيارات لتأخذ سيارتها قالت لي مباشرة.. اتجه من فضلك إلى شقتك سأقضي الليلة بصحبتك.. وافقتها وفي مصعد البناية تبادلنا قبلة طويلة.. وحالما دخلنا ابدلت ملابسها بواحدة من بيجامات النوم وبينما اشرب كوب قهوتي المسائي وجدتها تغفو على الاريكة حملتها على السرير الكبير ودثرتها جيدا وخرجت للشرفة أكمل قهوتي واتذكر رفيقتي.. وحالما تثاقل جفناي.. توجهت نحو الاريكة وخلدت للنوم.