Sunday, August 27, 2023

وجوه.. رواية في حلقات منفصلة (الحلقة الثانية عشرة)

على أريكتي الرمادية المفضلة امسكت بالريموت وعلى قناة يوتيوب تعرض اخبارا سياسية تركت التلفاز يعمل.. وبرغم أنى تعمدت تشغيل تلك القناة تحديدًا لاني انشغل بمواضيعها.. لكني فوجئت بعد ثواني أنى خرجت تماما من حيز الغرفة وانطلقت افكاري في أروقة عقلي تدور بين غرفه المفتوحة والمواربة والمغلقة وعلى أبوابه رأيت لافتات تدفقت حروفها في عقلي مباشرة.. ومن بين تلك الأبواب كان الباب الذي اعرف أنى جئت لهذا الرواق من أجله.. وعلى بابه بحروف كبيرة طُبع أسمها القصير المحبب ومن تحته وصف قصير لرحلتي معها.. وكمسلوب الإرادة امتدت يدي لمقبضه.. ورغما عني خالجني شعور بالرعشة من ملمس المقبض ونعومته.. فتحت الباب ببطيء شديد وخطوت داخل الغرفة التي كانت خاوية تقريبا تتدفق فيها الأضواء من لا مكان.. في أحد الأركان وعلى الأرض جلست.. وضعت رأسي بين قدمي وانطلقت افكاري تجتر ذكرياتي مع صاحبة الغرفة الوردية.. توالت الذكريات وتدفقت كسيل شهب في ليلة ليلاء.. رأيتني أقف أمامها في غرفة ضيقة ترتكن لدولاب الغرفة القصير وقد ضغطت على جسدها بجسدي وغبت امنحها قبلتها الاولي.. احتضنتها بقوة حتى سمعت طقطقة من عظامها.. أصابني الدوار فسقطت كما يسقط المغشي عليه على ظهره ثم افقت على جلستي واياها على أحجار مبنى عتيق.. كانت جالسة بجواري هناك في هدوء وسكون دقيقة الملامح دقيقة الجسد.. تلامس كتفانا فسرت في جسدي نشوة ومددت يدي لألمس يداها وحالما لمستها اندلعت في أوصالي تلك الرعشة الكهربية التي افقت منها لأجدها تجلس امامي على طاولة مقهى ما وهي تبتسم نصف ابتسامة.. عندها نفضت رأسي وقمت في عنف.. صرخت:

- لا.. أنا لم اجيء الى هنا من اجل ذلك..

رنت ضحكة ساخرة ميزت فيها صوتها وبدا أنها تراني وتسمع ما يجول بعقلي.. أحسست بالوهن عدت للخلف وجلست وركنت راسي على الحائط.. جاءت كطيف بدا يتكثف حتى صارت بشخصها ووقفت أمامي وأنا جالس على الأرض وسألتني..

- إذا لماذا جئت.. هل ستعترف أخيرًا؟..

نظرت نحوها من مكاني وقلت بصوت واهن..

- أعترف؟ أعترف بماذا؟

نظرت نحوي بحدة وقالت..

- هل ستعترف؟..

اسقطت يدي على الأرض بجانبي.. وقلت

- نعم.. لقد جئت هنا لأعترف..

بدأتني بسؤالها..

- لماذا؟..

لم تصرح بسؤالها لكني سمعته كاملا.. وانطلقت أجيب..

- نعم أعجبت بك منذ اللحظة الاولي.. اعجبتني دقة ملامحك.. أعجبني جسدك الصغير وكلامك السريع.. لا.. لم أكن لأحبك من أول نظرة.. فلست هذا الرجل.. لم أحب أحد من اول نظرة.. اعرف نفسي جيدا حينما يغمرني الاعجاب وهو ما قد كان عندما رأيتك..

نظرت نحوي بدهشة وسألت

- طاردتني أليس كذلك؟..

أجبت واثقًا..

- نعم فعلت.. نعم. كان هذا حتميًا.. وإلا كيف أعبر لك عن إعجابي..

في هدوء سألت

- وهل سمحت لك بذلك؟

عقدت يدي على صدري وارحت ظهري على الحائط وقلت في ثقة..

- لا لم تكوني فتاة سهله.. استغرقت وقتا طويلا لانتقل عندك من خانة المعرفة الي خانة الصديق..

ابتسمت لأول مرة منذ أتت وهي تسأل.

- وهل اخبرتك أنك تعجبني؟..

قلت نافيًا

- لا لم تفعلي وبما أنى لم اعجبك على ما بدا لي.. فكانت مهمتي أن اظهر في سمائك وأنافس نجومك التي تسطع فيها..

التفتت إليَّ بعدما كانت قد توجهت للحائط المقابل وقالت بهدوء

- تعود الي الفاظك المراوغة مرة أخرى..

رفعت رأسي لها وقلت بصدق..

- لا لم اقصد..

همهمت ثم قالت

- وماذا كنت تتوقع مني عندما طاردتني؟

بنظرة خاوية تماما قلت بعد تفكير دام دقيقة او يزيد..

- لا شيء.. لم اكن انتظر منك أي شيء.. كنت انساب معك كماء يجري بين ضفتي نهر انطلق من منبعه مندفعا في طريقه أحيانا يسير ببطيء وأحيانا يندفع في عنفوان وبين هذا وتلك كانت أيامي معك..

مدت يدها فسحبت روحي من جسدي ووضعتها في سيارة نبيذية اللون ونظرت نحوي من مقعد مرافق السائق.. قالت

- ولماذا اجبتني عندما ناديتك؟

مددت يدي نحو المقود فركنت السيارة على جانب الطريق الذي حفت به الأشجار انزلتها ووقفت قبالتها ثم امسكت بكتفيها الدقيقين وقلت لها مباشرة..

- وفاءًا لعهد قطعته لك وظننت أنى يمكنني الوفاء به الي الابد..

بدت محتارة وهي تتلفت نحوها وتنظر الي جدران الغرفة التي عدنا إليها وكأننا لم نغادرها وقد اكتست جدرانها بلون بني وبدا فيها جهاز تكييف وتحته فرش صغير ترقد فوقه العاب صغيرة للأطفال.. نظرت أليها ثم التفتت لي وقالت  

- وعندما طلبت منك ان توافيني في هذه الشقة.. وافقت؟..

نظرت نحو الأرض ولم أجد الكلمات.. فكرت ثم قلت..

- لم اخطط لأي شيء.. فقط أخترتِ انت المكان فجئت..

صرخت في حدة.. كنت تعرف كل شيء ورغم ذلك جئت؟

لم افكر هذه المرة.. أجبت مباشرة..

- نعم كنت اريد ذلك وتركتك حتى تتطلبيه..

نظرت نحوي بدهشة حقيقية وهي تقول..

- تركتني!! إذا فقد كانت تلك خطة من خططك أيضا؟..

كدت ان أقول لها لا.. لكنني عزمت الا أخفي شيئًا هذه المرة.. قلت مؤكدًا..

- نعم كنت اريد ان انفرد بك..

سكتت لثوانٍ فإذا بنا على فراش ترقد هي عليه امامي.. دفعتني بيديها بهدوء ثم عادت تقول بإصرار

- ولكنك رفضت ان تكون لي.. طلبت إليك ذلك مباشرة غير مرة ورفضت.. أتستمتع باللعب بي؟..

نظرت نحوها وداخلي أحساس شديد بالاشتياق لضمها.. كبته وأنا أقول لها بنبرة منخفضة..

- لم تكوني لتسامحي نفسك.. اتسعت عيناها وهي تقول لي..

- نفسي.. تقصد لم أكن لأسامحك؟..

أعدت كلماتي بإصرار..

- لم تكوني لتسامحي نفسك.. اعرف هذا الشعور جيدا واختبرته من قبلك وليس عندي نصف يقينك وايمانك.. اعرف ان شعور ما بعد الحدث قد يسيطر عليك ويغلبك ولم أُرد لك هذا..

اعتدت تلك الانتقالات المفاجئة في هذه الغرفة العجيبة عندما وجدتنا نجلس على طاولة على رمل الشاطئ وهي تستند بيديها على ركبتي وانا اداعبها في هدوء نظرت نحوي وقالت ..

- وها انت الان تتكلم عني وكأنك انت من يقرر ماذا اريد او لا أريد..

قلت وانا اغمض عيني..

- لا لم ادعي لنفسي هذه القدرة ولكني فقط خفت عليكي..

بدت كمن سئم الحوار فسألتني مباشرة..

- أتحبني؟..

نظرت نحوها لدقيقة فأعادت سؤالها وقالت:

- أتحبني.. أم أنك فقط تستجيب لندائي وفاءا لعهدك الذي قطعت..

قلت وكأني مشدوه لا اعلم أتخرج كلماتي من شفتي أم من عقلي مباشرة..

- أنا لا أحب احدًا.. لم اعرف معنى هذه الكلمة.. أتقرب للكثيرات وتجمعني بهم أوقات الفرح والترح.. أمنحهم لذة المشاعر والإحساس وأستمتع بها أيضا.. ولكني وعندما انفرد لنفسي واسالها أأحب حقًا.. لا لم أجد لذلك إجابة..

بدا في عينيها بريق وهي تقول..

- إذا انت تعترف أمامي بإنك لا تحبني..

قلت لها وانا أضغط على كلماتي بقوة..

- أخبرتك أني لم أحب أحدا قط.. ولا انتي ولا غيرك..

هنا جاء السؤال الذي توقعته هذه المرة.. قالت  

- إذا.. ماذا نحن.. أخبرني ولا تراوغ هذه المرة.. ماذا نحن؟

قلت باستسلام

- نحن شريكين.. كطائرين يعيشا على جزر المحيط.. يهاجران الاف الاميال كل عام.. يذهب كل منهم في طريقة وتجمعهما أيام الخريف على تلك الجزيرة يلتقون ويكون بينهم ما يكون ثم يتحتم عليهم الفراق ليقضيا باقي العام على جزيرة أخرى.. وهكذا هي الحياة.

اتجهت نحوي ومدت يدها لي لاقف فأمسكت بيديها وقالت

- إذا ماذا تريد؟..

وقفت من جلستي وانا استند عليها وأجبت بثقة ولأول مرة منذ بداية حوارنا..

- لا شيء.. حتما لا شيء.. فقط ان تشملك السكينة وتعيشين أيام جميلة ترضين فيها عن نفسك وعن الحياة..

اقتربت منها فضممتها بقوة وامسكت بها من كل مكان في جسدها استسلمت لي تحتضنني هي الأخرى ثم تلاشت فأحسست بالخواء.. مشيت بخطى بطيئة نحو الباب خرجت منه وسمعته يغلق من خلفي وقد تبدلت الحروف عليه نظرت نحوها برضا ثم سرت في الرواق نحو يقظتي. 

Saturday, June 10, 2023

أوجيني - رواية فى حلقات مسلسة (الحلقة السادسة)

قالت هذه العبارة ومدت يدها تمسك بيدي وهنا داهمتني رؤيا اخري.. رأيت نفسي في جسد شمندي اتحدث في الهاتف صارخًا في امرأة ما وتبينت الكلمات التي كنت اقولها بوضوح.. ستأتين بإرادتك او رغمًا عنك انت تعرفين أني أستطيع ان أُحيل حياتكم جحيمًا.. وفجًاءة داهمني صداع عنيف وانقطع الصوت في خضم الضوضاء افقت بعد ثوان ورأسي على رجلي لولا وهي تدلك جبهتي.. وبمجرد أن فتحت عيني طفرت دمعة من عينيها وهي تقول

- حمدا لله أنك بخير يا ألهي لقد أخفتني للغاية..

ابتسمت لها مطمئنا وقلت فى وهن

- لو كنت أعرف أن اصابتي بتلك النوبة ستجعلني قريب منك هكذا كنت فعلتها منذ زمن..

ابتسمت بدلال وهي تزيحني برقة من فوق رجليها فاقتربت منها أكثر والتففت على جانبي مغمضا عيني معلنا رغبتي في النوم في الجنة.. ضحكت ضحكة قصيرة مفرحة وقالت..

- محمد لنتكلم جديًا قليلا

قاطعتها قائلا..

- قبل الكلام عن الجدية وغيرها لولا هل تشعرين نحوي بما اشعر به نحوك..

ابتسمت وهي تتعجب من سطحية سؤالي وقالت

- اعذرني إن وصفت سؤالك هذا بالغباء محمد أين انا الان؟؟ وماذا افعل؟؟ وهل تظن أني أكون هكذا مع كل عابر سبيل يدخل البنسيون..

أُسقط في يدي فقد عاينت بنفسي كم هي صارمة وما تفعله من قربها مني لابد انه له دلالة واحدة فقط.. حكت لي لولا ما كانت قد حكته أوجيني عن زواجها من شمندي لم أخبرها بما حدث بيني وبين أوجيني فلا اريدها أن تبتعد عني ولو للحظة واحدة وربما تتغير مشاعرها أن علمت ما حدث بيني وبين أوجيني سابقًا.. حين حل المساء جلسنا نشاهد التلفاز سويا وقد اراحت خدها على رجلي.. ثم التفتت فصار وجهها نحوي وهي تقول..

- أعرف أني بالنسبة لك مغامرة لكني لا أستطيع أن أمنع نفسي من أن أخوضها وأعرف أنك سترحل ككل عابري السبيل لكن هناك ما يدفعني لـ...

لم امهلها لتكمل جملتها فانحنيت مازجًا شفتي بشفتها وعندما انتهت قبلتنا الاولي قلت مفكرا..

- اتعرفين أني أدفع عمري مقابل أن اقبلك مرة أخري..

ردت ببداهة سريعة..

- وأنا اشتريت..

وقفزت لتقابلني وجها لوجه وغبنا في قبلة طويلة وعندما ابتعدت شفتانا كنت أحتضنها حتى لتكاد تمتزج بجسدي قضينا ما يقرب من الساعة في جلستنا تلك بعدها قالت

- إن الوقت تأخر وأنا سأخلد للنوم..

أجبتها ضاحكًا

اعذريني إن مشيت وانا نائم لأستلقي بجوارك..

لم تضحك وقالت..

- محمد أنا اثق فيك ثقة عمياء..

أحسست بالجد فى نبرتها فأجبتها بدون تفكير..

وأنا احميك بروحي لوليتي..

أعجبها الاسم فابتسمت ثم استلقت على السرير وسحبت الغطاء الرقيق.. ظللت اراقبها ساعة أو يزيد ثم غلبني النوم فنمت.. في الصباح وبعد أن ارتدت ملابسها وارتديت ملابسي تذكرت رؤياي القصيرة وقلت لها مازحًا..

- لولا عندي سؤال غير مناسب!!

ردت مباشرة..

- لا تسأله إذًا..  

ابتسمت وقلت لها

- أن هناك أكثر من رؤيا قد داهمتني من قبل كما حدث بالأمس..

بدت مهتمة فقلت..

- إنها تحدث منذ عدت إلى السويس وهي عن حادثة حدثت لي عندما انهار عقار في السويس منذ سنة تقريبا..

اتسعت عينها في دهشة فسألتها..

- هل لديك قميص نوم قصير بنفسجي اللون؟!

نظرت لي في عتاب قائلة..

- إذاً فالرؤية عن النساء.. حسنًا لتعلم أن كل النساء تقريبًا لديهم قميص نوم بنفسجي اللون..

قلت إن المرأة التي كانت مع شمندي في الرؤيا كانت ترتدي قميص نوم بنفسجي قصير.. قالت بغير اكتراث

- هذا الخنزير!! إن نساء العالم جميعًا لا يكفونه..

هنا خطر ببالي ان اسألها فقلت

- هل لديك وشمًا بين كتفيك؟!!

ترنحت فجأة فكادت تسقط لولا ان التقطها بين يدي هاتفا لولا ماذا بك يا جميلتي؟!

نظرت نحوي ومازال الذهول يلف نظراتها قالت واهنه..

- ما هو شكل الوشم الذي تقصده؟!..

رددت بسرعة..

- إن الذكري مشوشة ولكنه يبدو وكأنه لفتاة عارية بين بتلات زهر ملونة

امتقع وجهها الجميل حتى كساه لون أصفر فخفت أن يصيبها الاغماء فهتفت

- أرجوك لولا قولي لي ماذا يحدث..

خرج صوتها واهنا وهي تسألني

- هل كانت المرأة في رؤياك مع شمندي على سريره..

- نعم كرجل وامرأة في وقت حميم..

انفجرت فجأة في البكاء واحتاج الأمر إلى ربع الساعة حتى تتماسك.. قلت مستغربًا

- كل هذا من أجل شمندي..

نظرت لي معاتبة وهي تقول

- هل تعرف من هي المرأة التي كانت بين أحضان شمندي في رؤياك!!.. انها.. أنها.. اوجيني..

نطقتها وانهارت باكية وتركتني لذهول لم يدم إلا للحظات ثم تذكرت..

- نجلاء يا إلهي نجلاء..

هتفت..

- ما ماذا؟! تقول..

صحت..

- نجلاء سوف تذهب لشمندي لتنفيذ الخطة اليوم وأنا قد أخبرت أوجيني بذلك.. يا إلهي نجلاء..

هاتفت نجلاء في سرعة فوجدت هاتفها مغلقًا حاولت عدة مرات ولا نتيجة أصابني القنوط وانا اردد..

- ماذا فعلت.. ماذا فعلت.. يا للمسكينة.. هيا بنا لولا ولنري ماذا سنفعل في هذه المصيبة.. اتمني ان تكون كل تلك تخريفات واضغاث احلام هيا بنا وفى السويس يكون لنا شأن أخر..

نبهتني بأن أتأخر دقائق ولا انزل خلفها مباشرة وأنها ستصعد للدور الاخير ثم تنزل بعد دقائق.. قلت إني سأنزل مباشرة ويمكنها أن تلحق بي بالقطار.. نزلت للاستقبال دفعت حساب الوجبات وسلمت المفاتيح ثم اسرعت لموقف السيارات كانت هناك سيارة متوقفة لم يكتمل ركابها بعد أشرت للسائق أن يتحرك وسأتحمل باقي التكلفة وبينما بدا الركاب الثرثرة الملعونة كنت احاول الاتصال بهاتف نجلاء بلا جدوي وصلنا السويس بعد ساعتين تحركت من فوري نحو البنسيون وجدت أوجينى في الاستقبال اتجهت وبدون مقدمات نحو غرفة نجلاء وجدتها خالية عدت ونظرت لأوجيني نظرة عتاب ولم تفاجئني دموعها التي اخذت تنهمر ببطيء من مقلتيها توجهت إلى غرفتي وأنا العنها بهمس غير مسموع حتى لا ينتبه بقية نزلاء البنسيون بعد دقيقة فتحت الباب ودخلت توجهت نحوها والشرر يتطاير من عيني ..

- نجلاء ماذا سيحدث لنجلاء يا أوجيني..

- محمد ارجوك انت تعرف انه رغمًا عني..

- ونومك مع شمندي أيضًا رغمًا عنك..

- ماذا كيف عرفت يا إلهي..

- أجيبي أولا نجلاء هل وشيت بها ايتها الخائنة..

صاحت:

- أرجوك محمد لو لم أفعل واكتشفها كان سيدمر حياتي

لم اتمالك نفسي ولطمتها على وجهها فسقطت باكية على سريري وهي ترجوني - محمد سامحني كنت أحمي لولا وآدم.. هذا الحيوان شمندي قد أخبرني أنه سيخطف آدم من لولا كان سيحيل حياتها جحيما

عاجلتها قائلا ويكون الحل هو أن تعاشري من كان زوج ابنتك ايتها الساقطة.. هتفت باكية:

- أرجوك لا تفعل بي ذلك لم يكن أمامي حل أخر انه يعرف نقطة ضعفي وهي ابنتي ويعرف أيضا ان أوراقي في مصر مزيفة ويستطيع ان يحرمني من ابنتي وحفيدي وحياتي في لحظة واحدة  

صرخت رغما عني..

- هذا الكلب ماذا فعل بنجلاء وكيف أنقذها من براثنه..

شهقت وهي تبكي بحرقة..

- محمد دعني أُثبت لك أنني لست خائنة كما تقول سأعرف كل شىء وسأساعد نجلاء على الهرب لو كان قد أمسك بها أرجوك أعطني فرصة..

قلت محتدًا

- لا يمكنني أن أثق فيكي بعدا الآن

قالت وهي تكفكف دموعها

- سأثبت لك انني لست المرأة التي تظن..

وخرجت من الباب مسرعة نحو غرفتها.. ظللت ادور في الغرفة كالأسد الحبيس لا اعرف ماذا أفعل سمعت صوتها من الخارج وهي تقول لآدم وعم شعبان أنها ستغيب ساعتان.. تحاملت على نفسي لابقي تلك الساعتين في انتظارها لم تزيد غيبتها عن ساعة ورأيتها تدخل الردهة أسرعت إلى غرفتي بعد دقائق تبعتني ثم قالت

- لقد امسك بها ومعها الجهاز الذي سلمته لها لقد ظن انها كانت ستزرع جهاز تنصت في بيته اقنعته نجلاء بذلك وحبسها في مخزن الخشب على البر القبلي للقناة..

- حسنا هذه المعلومات تكفي..

- محمد إلى أين تذهب..

- سأفعل ما يجب على كل رجل ان يفعل.. سأحرر نجلاء حتى لو دفعت حياتي ثمنا لها..

وخرجت من البنسيون كالعاصفة.. وصلت الى المكان الذي حددت فيه أوجيني مخزن الاخشاب.. كان المكان مكشوف تمامًا وهناك على الأقل عشرة رجال حول الموقع بالإضافة إلى بناية من طابقين لا أعلم عدد من بداخلها.. قررت أن أتحرك في الليل فاليوم محاق ولن يلحظ أحد حركتي في ملابس داكنة.. عدت للسوق واشتريت بنطالا من الجينز الأسود وقميص من نفس اللون واشتريت سلاح ابيض مناسب علقته حول كاحلي واخر اخفيته بين طيات ملابسي وانتظرت حتى انتصف الليل.. تسللت في خفة إلى الموقع لم يكلفني الرجلان على المدخل سوي بضع ركلات مكتومة.. كنت بعدها اصعد درج المخزن مستعدًا للأسوأ.. ولكم كانت دهشتي عندما لم أجد سوي نجلاء البائسة ملقاة على سرير قذر وتسألت في نفسي.. أين باقي هؤلاء الأوغاد..  عندما رأتني نجلاء شهقت في رعب فنظرت إلى عينيها مباشرة فعرفتني رغم القناع تعلقت برقبتي كالمجانين وقد كان الكلام يخرج منها متعجلا فلم افهم منها حرفًا.. ربت على ظهرها ثم قلت في خفوت نجلاء أهدئي أرجوك.. بصعوبة بدأت أتبين ما تقول.. لقد احتفظ شمندي بالجهاز.. الجهاز يعمل لقد وضعته على وضع التشغيل قبل ان يمسك بي. هو لا يعرف ذلك.. الجهاز في مكتبه.. توقفت رغمًا عني وقد لاحت على شفتاي ابتسامة.. يبدو ان الأمور ليست سيئة كما تبدو.. هيا بنا تبعتني في صمت وخرجنا من المكان بسرعة.. قلت لها والآن ما العمل لا تستطيعي ببساطة ان تعودي للبنسيون ورجال شمندي في كل مكان بالسويس.. الحل الوحيد هو ان تذهبي للإسكندرية.. اعطيتها مفاتيح شقتي وخرجت بها مباشرة نحو موقف السيارات.. أخترت سائقًا توسمت فيه الرزانة واخبرته ان زوجتي يجب ان تكون في الاسكندرية حالا لحالة امها الحرجة.. كان الرجل متفهمًا فلم يستطرد في الأسئلة ونقدته أجرته مع زيادة مناسبة تشجعه على الحركة فورًا.. ودعت نجلاء وطلبت منها ان تهاتفني من البيت حالما تصل.. أمسكت ورقة العنوان فى يدها ووفرت من عينيها دموعها فودعتها وتحركت مسرعًا...

 

Monday, June 5, 2023

أوجيني - رواية فى حلقات مسلسة (الحلقة الخامسة)

وصلت البنسيون بعد الظهر.. لم أجد أوجيني عند المدخل ووجدت آدم جالسًا محلها.. فنظرت متعجبًا فقال لي آدم انهم في المطعم.. توجهت إلي غرفتي أبدلت ثيابي وخرجت نحو الشرفة لعلي اري نجلاء لأعلمها بوجود الجهاز معي.. انتظرت عدة دقائق.. وعندما لم اجدها عدت للداخل.. بعد طرقات قصيرة علي الباب دخلت اوجيني مشرقة كعادتها.. اقتربت مني في لهفة ثم احتضنتني.. فربت على ظهرها.. قلت وانا أبتسم

- إنه يوم واحد قضيته فى الإسكندرية لا يستحق كل هذا الترحيب الحار..

نظرت إلى معاتبة.. فعدت أخبرها ان لدي خطة الآن للإيقاع بشمندي هذا وانني سأبدأ تنفيذها من اليوم.. تجهمت وهي تقول

- إنها مطمئنة لوجودي ولكنها تخشي من تلك المغامرة كثيرًا..

ربت أنا أيضًا على خدها الذي ما زالت نعومته تحيرني فقالت

- هل ستخبرني بالتفاصيل أم ماذا؟!..

انطلقت اشرح لها أن نجلاء ستقوم بالحصول على مستندات مهمة من بيت شمندي وستساعدني تلك المستندات في الايقاع بهذا الرجل تمنت لنا التوفيق ثم غادرت.. تأملتها وهي ترحل.. ثم عدت للشرفة ومن حسن الحظ وجدت نجلاء واقفة في شرفتها هي ايضًا.. اشرت لها لتوافيني في المساء.. دخلت غرفتي وقمت بإعداد الجهاز الذي بدا لي بالضبط كهاتف محمول من نوع قديم.. في الليل وبعد ان خلد الجميع للنوم تسللت نجلاء إلى غرفتي بخفتها المعهودة.. كنت في انتظارها فاقتربت أمد يدي لأُسلم عليها فاقتربت مني واحتضنتني فابتسمت رغمًا عني.. وانا اقول لها

- ما بال الجميع يستقبلوني بالأحضان كأني كنت مسافرًا لشهور..

فتجهمت وهي تسألني ومن غيري احتضنك اليوم محمد بك.. أجبتها أن لا عليك ولكن خطتنا ستمضي قدمًا ولكني احتاج لشجاعتك الآن يا نوجة.. نظرت في عيني مباشرة وهي تقول

- أي شىء تطلبه مني سأنفذه ولو أدى الى موتي.. بادرتها قائلا

- لا سمح الله.. ستمر الأمور بخير ما دمنا نأخذ جانب الحذر..

شرحت لها طبيعة الجهاز وكيف يعمل كما علمني فايز ورأيت فى عينيها الحماس والفهم أخبرتها أن المدي الممكن هو عشرون مترًا على الأكثر ابتسمت ابتسامة غامضة وهي تقول

- لا تقلق فأنا اقترب من جهاز شمندي أقرب من ذلك بكثير..

حذرتها من أن يشك أحد في طبيعة الجهاز فتفهمت.. فجأة سألتني..

- هل يضايقك ان أحكي لك أمرًا أنا أعرف أنك متعب من السفر ولكني أشعر برغبة فى أن أشاركك هذا السر

هززت راسي أن لا مانع وأنها يمكن ان تحكي لى أي شىء بدون قلق امسكتني من يدي واجلستني على الكرسي الوثير وجلست على المسند وقد غاصت قدماها بجواري وهي تقول

- بعد وفاة زوجي في السجن بأربعة شهور زارني شمندي وعرض علي أن يساعدني بالمال وأن زوجي كان أحد رجاله وفي ذلك اليوم تقرب مني حاولت المراوغة لكنه كان صريحًا ووقحًا لأبعد الحدود وبعدما هدد بتشريدي وجعلي عبرة بدأ يستكشف جسدي بيديه وانا لا أستطيع رده فأنا أعلم كيف يعمل هذا الرجل وكيف يحصل على ما يريد أمضي ليلته في بيتي بعدما حصل على رغبته مرتين وترك على طاولة السفرة عند خروجه مبلغًا من المال كدت أقتل نفسي يومها لكني جبُنت.. ومن يومها صرت أعمل لديه بمهنة خادمة لرغباته.. لا تستطيع ان تتصور كم المهانة التي أشعر بها كلما اقترب مني ولا كيف أُلبي طلباته المنحرفة بمنتهي القرف وبرغم أني أبكي وأُصارحه بأني لا أطيق وجهه ولا رائحته النتنة إلا أن كل هذا لا يجعله يتورع عن أن يطلبني مرات ومرات..

طفقت نجلاء تبكي بحرقة وهي تقول فى كلمات جاهدت لأتبينها

- أرجوك لا تحكم على مما حكيت لك فأنا انسانة طيبة أُقسم بكل الاديان على هذا ولكن هذا الوحش أقوى مني أو أنا كنت ضعيفة.. لا يهم المهم أني أقدامي قد غرست في وحل الرذيلة هذا

وانهمرت دموعها سيلًا أنزَلتُها من على المسند واجلستها على رجلي وضممت جسدها الصغير لداخلي فكانت كقطة اختبأت في حضني وظللت أُهدهدُها وأربت على ظهرها حتى هدأت قليلًا.. قلت لها

- إننا لسنا آلهة يا نوجة والظروف أحيانًا تعرضنا لشتي انواع الاختبارات ونجاحنا أو رسوبنا لا يعنى أن الحياة انتهت ورفضك لما يحدث لها هو وأكبر دليل على نقائك وأن هذا الوضع سيتغير عن قريب..

كنت أشعر بدفيء جسدها وكانت مشاعر مودة تنساب من داخلي نحوها فرفعت رأسها نحوي وقبلتني قبلة طويلة أمتزج فيها رضابها بدموعها بادلتها اياها ويداي تطوق ظهرها ثم نظرت اليها قائلا

- نجلاء أنت في موقف ضعف الآن وربما تكون أفكارك مشوشة أنا ايضًا أُكن لك مشاعر قوية ولكن الآن ليس هو الوقت المناسب لهذه المشاعر..

في وهن أومأت بالإيجاب وقامت من فوق رجلي وانحنت فقبلت يدي فسحبتها مندهشًا.. قالت

- لا اعرف ما الذي دفعني لذلك ولكني شعرت برضا عندما قبلت يديك..

ربتُّ على ظهرها مشجعًا..

- لا تقلقي ستكونين بأمان ولكن أرجوكِ توخي الحذر..

- لا تقلق

ردت بسرعة وهي تتسلل من الباب عائدة لغرفتها.. وقد أخبرتني انها ستذهب لشمندي بعد يومين فقد طلبها لتوافيه في الفيلا التي يقطن فيها شرق القناة كانت أعصابي متوترة وانا أتخيل تلك الفتاة الرقيقة تتعامل مع هذا الوحش لكنها معركة ولابد فيها من بعض رباطة الجأش.. في اليوم التالي وعلى مائدة الإفطار لاحظت وجوم لولا فأخرت نفسي على الطاولة محاولًا استبيان ما في الأمر.. وقد فاجئني أن دمعة قد فرت من مقلتيها وقد بدا وجهها الفاتن أكثر فتنة فأسرعت اليها وقد خلا المكان الا منا فقلت مواسيًا

- لولا ماذا هناك هل تبكين؟

ردت بسرعة..

- كلا كلا.. ارجوك أستاذ محمد أنا آسفه لم أستطيع أن أتماسك..

وقفت أمامها متسائلا

- أرجوكِ أنت أخبريني ماذا هناك هل ضايقك أي أحد..

نظرت في وجهي فوقفت كالمسحور من قربها مني وملامحها تنومني مغناطيسيًا.. قالت في بطء من خلف قناع التظاهر بالتماسك..

هل يضايقك أن اتكلم معك إن أمكن..

إكتنفتني الصمت من الدهشة.. فقالت

- لا عليك يبدو أنك غير مهتم..

قطعت صمتي محتدًا هذا المرة..

بالطبع مهتم ماذا تقولين أرجوك تفضلي تكلمي ويمكنك أن تتكلمي معي وقتما تشائين هل هذا واضح..

ابتسمت رغمًا عنها من حدتي وقالت

- إن المكان غير مناسب وانه سيكون من الأفضل أن نتقابل في مكان بعيد عن البنسيون..

وافقتها وقد داهمتني صورة شمندي متربصًا بنا في كل مكان.. بدا أنها تقرًا أفكاري فقالت بسرعة لا تقلق طالما نجلاء في صفنا فلن يدري شمندي عنا شيًئا فهو يعتمد عليها في نقل اخبارنا.. أردت أن أسألها كيف عرفت عن نجلاء ولكني خمت أن أوجيني قد شاركتها معلوماتنا ولكن كقارئة الأفكار مرة اخري قالت في بساطة: لم أكن بحاجة لأحد ليخبرني بذلك فنجلاء من اهل السويس ما الذي يدفعها للسكن في بنسيون وبيتها متاح تعيش فيه وحيدة بعدما مات زوجها.. ولكن هذا ليس موضوعنا الآن.. إن لي زيارة لأقارب والدي في بورفؤاد كل شهر وماما تعرف ميعادها ولكن المشكلة تكمن فيك أنت فكيف ستخرج من البنسيون..

فكرت برهة ثم قلت

- سأغادر متوجهًا للإسكندرية كزيارة قصيرة ثم أُغير مساري إلى بورفؤاد ولكن ماذا أفعل هناك؟

- هناك فندق على البحر احجز غرفة هناك وسأوافيك..

كان تسارع كلام لولا يحيرني.. ولكن بدا أنها فعلا تريد ان تكاشفني بشيء.. في المساء وعلى العشاء اخبرت أوجيني متعمدًا أن يسمعني الجميع اني مغادر للإسكندرية وسأعود بعد غد وتوجهت من فوري لغرفتي وعلى جدار الشرفة بينما أحتسي فنجان القهوة أشارت لي نجلاء من شرفتها وهي تشير لقلبها فابتسمت رغمًا عني وأنا أشير إلى عيني فهمت من إشارتها أنها تؤكد عليّ زيارتها لشمندي بعد غد فهززت راسي في آسي متمنيًا لها التوفيق فى مهمتها وان تتخلص من هذا الخنزير عن قريب.. في الصباح غادرت مبكرًا ملقيًا تحياتي إلى عم شبعان المستغرق في النوم وامام الباب فوجئت بأوجيني تستقل سيارة تنتظرها خطوت للخلف في أخر لحظة قبل ان تراني متسائلًا في عقلي عن سبب خروجها في وقت مبكر كهذا وكيف لها من استئجار سيارة خاصة فارهة بهذا القدر.. تجاوزت المشهد سريعًا فلكل انسان أسراره ولكني عزمت على أن اسألها حالما أعود.. خرجت متوجهًا نحو المحطة وبعدما عبرت الرصيف للجهة المقابلة سألت عن إن كانت هناك قطارات لبورتوفيق فتطوع أحد المارة بأن يشرح لي تاريخ الانتقال من السويس إلى بورتوفيق وأشار بأن استقل سيارة تأخذني لهناك وان المسافة تستغرق ساعة ونصف بالسيارة بدلا عن القطار الذي يستغرق اربعة ساعات ومواعيده غير منتظمة مازحته سائلًا عن رحلات طيران إلي هناك لكنه حدق فيَّ شاكًا في سلامتي العقلية.. شكرته صادقًا ثم حسمت امري وركبت سيارة للأجرة انتظرت فيها نصف ساعة كاملة حتى اكتمل عددها وبين ثرثرة الركاب وصوت المسجل الصادح بقراءات اذاعة القرآن الكريم وعبق الدخان الصادر عن سيجارة السائق الذي يصر على إنه طالما أخرج يده بالسيجارة خارج نافذة السيارة فهو عمليا لا يدخن في وسطنا.. عند وصولي توجهت نحو الفندق الذي ذكرته لولا سلفًا.. حجزت غرفة لليلة واحدة صعدت إليها وأبدلت ثيابي ثم استلقيت أرتاح من عناء الطريق.. بعد الظهر رن جرس الهاتف الداخلي اجبت المتصل فجاءني صوت لولا تتكلم من الاستقبال.. رددت عليها مستغربا

- لماذا لم تتصلي بالهاتف المحمول؟!

فأجابت

- لأني ليس لدي رقمك أيها الذكي..

قالتها بمرح فكدت أشك أنها كانت المتصلة ارتديت ثيابي على عجل ثم نزلت للردهة أشارت لي بعينيها أنْ ألحق بها إلى السطح فهناك مقهى مجاور لحمام سباحة بالمكان.. صعدت بالمصعد من بعدها وبينما اتجه نحو باب المقهى وجدتها امام المصعد أخذت بيدي ثم عادت للمصعد ثم بتلقائية ضغطت زر الدور الذي به غرفتي وأنا مازلت أقف كالمشدوه لا افهم ماذا تفعل وبينما توقف المصعد في الدور المطلوب مدت قدميها سريعًا نحو باب الغرفة فعاجلتني..

- هل ستفتح أم سننتظر ليشاهدنا كل سكان الدور؟!

حركت راسي سريعًا كأنني أفيق من النوم.. أولجت المفتاح ودخلت هي ثم تبعتها في سرعة.. بمجرد دخولنا هتفت  

- قبل كل شىء اخبريني كيف عرفت رقم الغرفة؟!..

ردت بتهكم

- سؤال ينم عن ذكاء خارق.. طبعًا سألت في الاستقبال عن اسمك قبل أن يهاتفك الموظف..

نظرت نحو مرآة الغرفة شاعرا بالغباء..

- قلت بسرعة ورقم الدور؟!

قالت ضاحكة

- سؤال أذكى من السابق فكل الفنادق تجعل رقم الدور هو الرقم الأول من رقم الغرفة يتبعه رقمها الفعلي في ذلك الدور..

زالت دهشتي جزئيًا ولكني قلت..

- لماذا تلك الطريقة المعقدة في اللقاء ولماذا لم تصعدي مباشرة إلى الغرفة؟! ..

لأننا في بورتوفيق يا عزيزي والمدينة صغيرة وبعض أهل والدي قد يكونون بالجوار فكان من الأفضل ان يتوهم الموظف أننا سنتقابل في المقهى العلوي..

مشيدًا ببراعتها جلست على الاريكة المقابلة للسرير فوجئت بها تسألني

- لماذا حجزت غرفة بسرير واحد اين سأبيت أنا!!..

رددت تلقائيًا

- على السرير طبعًا سوف استخدم تلك الأريكة.. لكنك أخبرتني أن أهل والدك يعيشون هنا..

ردت وقد أرهقتها أسئلتي..

يا أخي لا اريد أن يعرف أحد أنني هنا حتى لا يسأل عن خروجي ودخولي لا تنس أني مطلقة.. وهذا مجتمع شرقي..

- حسنًا حسنًا هتفت مجهدة والأن اطلب لنا شيئًا نأكله فأنا في القطار منذ الصباح ولم أُفطر حتى الآن..

اتصلت بخدمة الغرف طلبت الغداء واضطررت لأن أزيد الكميات عن الطبيعي لكي يأكلها شخصين.. اخذت لولا حقيبتها الصغيرة وتوجهت للحمام الملحق بالغرفة بعد قليل سمعت صوت الماء ثم سمعت طرقات خدمة الغرف على الباب.. نقرت باب الحمام في خفة فواربته ونظرت لي بشعر مبتل.. بعد أن حدقت فيها للحظة غير مصدق نفسي أنها هي أمامي نبهتني بنظرة من عينيها.. أخبرتها أن تغلق الصنبور لثوان حتى استقبل الطعام فأغلقته.. ادخل العامل طاولة الطعام المتحركة.. نقدته ما تيسر وخرج ثم عدت أخبرها ان الطعام جاهز.. بشعر مبتل وثوب وردي خرجت من الحمام وهي تحاول ان تجفف وجهها.. وبهرني أن جمالها ذلك طبيعي بدون أي إضافة ولو حتى أحمر للشفاه وقفت أحدق فيها كعادتي كلما وقعت عليها عيناي.. قالت

- محمد ارجوك أنا أعرف أني أعجبك ولكن ليس عدلا أن تحدق فيَّ بهذه الطريقة كلما نظرت إليَّ..

قلت معتذرًا:

- لولا أنت نموذج المرأة بالنسبة لي فأنا أعشق تفاصيلك وجمالك الطبيعي..

احسست أني تماديت فصمتُ.. وهي تضرج وجهها بحمرة خجل وهي تقول

- أتدرى أنى لا اسمح لأحد أبدًا ان يغازلني بكلمة مهما قَلتْ ولكني لا أعرف لماذا أسمح لك انت تحديدًا بذلك.. وقبل هذا لا أعرف ماذا أفعل هنا في غرفتك متخطية كل الحدود التي بيننا..

نظرت لها مستنكرًا وقلت..

- أرجوكِ لا تفسدي اللحظة..

همهمت

- حسنًا هيا بنا فأنا أتضور جوعًا..

جلست قبالتي فاحتضن الكرسي الوثير جسدها وبقيت بعض تفاصيله ظاهرة من سحاب ثوبها الوردي.. أخذت اكل وأتأملها وقلت..

- أين هذا الطعام من اعداد يديك لولا.. 

ابتسمت وهي تقول:

- توقف عن المجاملة قليلًا فأنت تشعرني أنك تحيطني من كل جانب..

توقفت عن المضغ لأفكر في كلماتها.. دائمًا ما أسمع تلك الكلمة من النساء القريبين مني وهو امر لا أقصده بحال من الأحوال.. بعد الطعام طلبت بعض الشاي فجاء على عجل ثم جلسنا سويا على الكنبة المزدوجة وقد أراحت لولا إحدى قدميها تحت الأخرى قبالتي.. قلت لها

- ألن تقولي لي ما الذي كان يضايقك في البنسيون؟! ولماذا اصررت أن نتقابل بعيدا؟! وماذا كان يضيرنا أن تقابليني في غرفتي بالبنسيون؟!..

- هل تظن أني لم أفكر في ذلك!! ولكن لتعرف يا عزيزي أن أوجيني نومها خفيف للغاية وهي تقريبا تعشق مراقبة غرف البنسيون بالليل

ابتسمت مهمهمًا أنى اختبرت ذلك بنفسي.. لم تعقب وأكملت..

- هناك ما لا افهمه من تصرفات أوجيني فهي في الشهور الأخيرة بدأت تغيب عن البنسيون بدون سبب على فترات متقطعة سيارة فارهة تأخذها في وقت مبكر وتغيب بالساعات واحيانًا ليال وانا أعرف ماما لم يكن لها أي مغامرات سابقًا وقد بدا عليها الاضطراب جليًا بعد وصولك للبنسيون.. ولكن هذا ليس السبب الوحيد الذي جعلني أطلب أن اقابلك أيضا فقد فاض الكيل وأنا أري إنك بعد أيام قليلة من إقامتك بالبنسيون قد أصبحت زيارات أوجيني ونجلاء لك شبه يومية تلك في الصباح وهذه في وسط الليل وأحسست أني لابد وان أصارحك بما يعتمل في قلبي تجاهك..