هذه هي الحفلة الثانية لي منذ أحضرتني "شاهندة" إلى هنا..
تلك المحظوظة.. كيف وقعت على هذا الاسم. "شاهندة".. ألست معي انه اسم
يوحي بالرقي وسعة العيش..
وبرغم علمي التام بحياة "نعمة" قبل ان يصبح اسمها "شاهندة"
لكن هذا الاسم قد منحها بريقا لا يمكن إنكاره.. هي نفسها قد اخبرتني أن عملها تحسن
عدة مرات بعدما اختارت هذا الاسم عملًا باقتراح "المسيو" بعد عدة شهور
من التحاقها بالوكالة.
همم.. طبيعة العمل بالوكالة.. تقصد ماذا نعمل هنا... دعني اشرح لك
وستفهم بالتأكيد. يبدو عليك من أولاد الناس المتنورين وستستوعب بسهولة..
آه نسيت سامحني.. أنا دلال.. نعم دلال هو اسمي الحقيقي.. لماذا لم أغيره
كما فعلت "نعمة".. سيحدث قريبا جدًا. فبرغم صوت الغنج الذي يصدره عند
نطقه لكنه يظل بلدي جدًا. ويشبه بشدة طبيعة البيئة التي خرجت منها. لماذا احكي
لك.. لأنك مختلف. تتعامل معي وليس مع مؤهلاتي ككل من عرفت..
انظر حولك في هذا البهو الكبير.. عددنا حوالي عشرة.. يتم التنسيق مع "المسيو"
عند إقامة حفل مميز لنتحرك وسط المدعوين كما تري.. نبتسم.. نأكل بأناقة.. نتبادل الأحاديث..
ولا مانع ان استلطف واحد من المدعوين واحدة منا أن ترافقه.. ولكن هذا ايضا بإذن "المسيو"..
نعم يمكنك ان تقول إننا كمعطر الجو الذي يرشه الناس في الهواء
ليتناثر ويمنحك الرائحة العطرة للحظات ثم يختفي فلا تري له أثر.. تقول أنك لم
تسالني عن كل هذا.. ماذا؟.. تعرف!!... كيف لك ان تعرف.. لابد أنك معتاد على هذا
النوع من الحفلات.. إذا كيف عرفت؟.. حسنا يبدو ان احساسك صائب يا عزيزي..
اعذرني على كثرة كلامي فأنا نادرا ما اتكلم مع أحد خارج نطاق العمل
ولكني حقيقة ارتحت لك.. هل يضايقك ان اخذ رقم هاتفك؟.. لحظة كرره على مرتين لأني
لا أستطيع ان اكتبه فيعرف "المسيو".. لا تستغرب فزميلات عملي هنا تسعدهم
جدًا الوشاية كعمل روتيني.. شيء يفعلونه للمتعة فقط وبدون اي مكاسب شخصية.. حسنا
لقد حفظته والان سأذهب لأكمل عملي كانت فرصة سعيدة يا استاذ؟؟ حامد.. اسمك حامد..
تقليدي هو هذا الاسم ايضا.. لكنه بالتأكيد يصلح لعالم الرجال.. سأرحل الان. سأكلمك
فيما بعد ان لم يكن عندك مانع.. لا شيء مجرد دردشة. لا تقلق. بعد إذنك استاذ حامد.
هذه الحفلة مزدحمة فعلا.. يبدو ان الفتيات يقمن بعملهن جيدا... واخيرا
اشارت لنا "دينا" بالرحيل.. كانت ليلة ظريفة.. لا اصدق ان هذا ما عليَّ
ان افعله الان لأحصل على خمسمائة جنيه في نهاية الليل. يبدو ان هذا حلم ولا اريد
ان افيق منه.. سترافقني "فاتن" و"دعاء".. جيد لنقسم اجرة
التاكسي كما أننا نعيش في نفس الشقة...
أخيرا غرفتي المنفصلة وسريري. لا داعي لاجترار الذكريات الان.. فقط لأنام
واستمتع بالوقت الجميل الذي قضيته اليوم وهذا المدعو حامد. تذكرت لأسجل رقم الهاتف
قبلما انساه... ما هذا الاسلوب المميز الذي يتعامل به.. هل بالفعل يوجد رجال على
هذا النحو.. لماذا اريد ان احكي له على كل شيء..
ما الفائدة وقد بدا عليه انه يعلم فعلا طبيعة عملي أنا وباقي الفتيات..
لا أعرف ماذا افعل ولكن ها هو الهاتف لاتصل به وليكن ما يكون. آلو.. استاذ حامد
أهلا.. هل يضايقك لو نتقابل غدا.. لا مشكلة إن كان وقتك لا يسمح.. ماذا.. لا مانع..
حسنًا.. ما رأيك بكازينو الشاطئ.. تحبه.. عظيم.. الساعة السادسة.. عشاء.. ليس هناك
داع.. نعم يسعدني.. حسنًا اراك غدا في السادسة.. تصبح على خير ... والان الي النوم
يا دلال..
في الصباح استيقظت في العاشرة.. بعد الافطار استلقيت في السرير اشاهد
أحد المسلسلات التي اتابعها.. اتابع بضعة مسلسلات ولكني أفضل هذا المسلسل عليهم جميعا..
انه احداثه تشبه حياتنا الحقيقة فهو يتكلم عن حريم سلطان ما.. وما نحن الا حريم "المسيو"
الا اننا بالنسبة له بضاعة يربح من ورائها ويحميها كذلك.. الساعة تقترب من الخامسة
يجب ان أتحرك الان حتى أصل في الوقت المناسب ... يا بنات.. يا "شاهندة" سأذهب
لأري امي.. ربما أبيت عندها.. سلام.. وصلت متأخرة عن ميعادي وكيف لي ان اعلم ان
الطريق مزدحم الي هذا الحد.. ها هو الاستاذ "حامد" يجلس في الطاولة القصية..
يا له من رجل مهندم..
أهلا.. تأخرت.. عفوا سامحني.. السكة كانت مزدحمة تماما.. سنطلب الطعام..
حسنا سأطلب مثلك.. لا يهم.. أظن أني سأحب ما ستأكله.. استاذ "حامد" هل
يضايقك ان احكي لك حكايتي.. ربما لا يكون لديك رغبة في سماعها.. ولكني أحب أن
اتكلم معك واحكي لك.. هذا رد مهذب منك جدًا.. أري أنك لم تمل حديثي فأرجوك إذا
احسست بالملل في أي وقت ان تخبرني..
لقد ولدت وتربيت في بيت من بيوت الحي القديم.. قُبض على والدي أنا
واخواتي الثلاثة في قضية للاتجار في المخدرات حُكم عليه بالسجن على إثرها عشرون سنة..
بعد مرور اقل من ستة شهور كانت امي قد
حصلت على الطلاق منه..
فلاحة جاء بها من قرية مجاورة لقريته التي نزح منه الي المدينة..
لكنها كانت جميلة بحق ولم تستطع المرأة ان تحتمل غياب وزوجها فطلبت الطلاق وحصلت
عليه في فترة قصيرة.. وكان لزاما ان تجد رجل ليتزوجها ولكن من يريد امرأة وورائها
اربعة بنات في اعمارنا.. بالطبع ستقول انه لا يوجد من يقبل هذا الوضع ... ولكن في الحقيقة
يوجد..
يوجد.. فتوح.. تاجر الخردة الذي يملك البيت الذي كنا نسكن فيه
وتقريبا باقي بيوت الحارة القديمة.. فوجئنا به يطلب من امي الزواج.. لم نكن نملك
حق الرفض.. الرجل يملك الكثير من المال برغم سمعته السيئة وظنت امي انه الحل
لمشاكلنا التي كانت كلها مادية في الأساس.. تزوج فتوح امي ونقلنا الي شقة جديدة اوسع..
واتخذ له وامي حجرة فيها.. واقتسمت كل اثنتان منا حجرة..
اعتدنا على زيارته للبيت مرات متقطعة اسبوعيًا ويوميا احيانا.. يدخل
حاملا بعض الاكياس.. ينقد امي بعض المال ويجرها نحو غرفتهما.. تتناهي الي مسامعنا
اصواتهما سويا.. يستخدم ألفاظًا برغم حياتنا في حارة شعبية لم نكن معتادات على
سماعها لكنها اصبحت عادية حتى امي نفسها بدأت تستخدمها هي الأخرى..
بالتدريج بدا وجوده في الشقة الجديدة يزيد لكن ليس في كل مرة من اجل
امي كان يتعمد ملامستي واخوتي بصورة سافرة لا تخطئها عين.. لم أكن أرحب بتلك
الملامسات وعندما استهجنتها غضِب غَضبٌ عارم على أثره رجتني امي ان اتلافي غضبه
هذا بأي طريقة.. وهل هناك طريقة سوي ان ادعه يفعل ما يحلو له..
وكان هذا هو جواز سفره الي اجسادنا جميعا..
حتى اختي الصغيرة التي كانت في الثانية عشرة لم تنجو من لمساته الوقحة..
كان كخنزير حي.. لكنه لم يظفر سوي بي.. كنت تقريبا افتدي الاخريات من براثنه
متعللة بأنهن صغيرات ولن يستطعن تلبية رغباته التي كانت في جلها تتمحور حول مداعبة
قضيبه الصغير.. كما ان امي كانت تتعمد ان تخرج للسوق او غيره حينما يدخل ويلقى لها
بالمال تأخذ اخوتي معها وتتركني معه لساعة او ساعتين ...
في البداية كان الموضوع كعذاب مقيم.. وكنت كلما أبدى رغبته في واحدة
من اخواتي الصغار كنت أعده بما سينسيه الاطفال ويجعله لا يفكر الا في انا.. كنت احتال
عليه كما احتال على الاطفال وكان ينصاع.. لا
لشيء إلا لأني موهوبة في موضوع الجنس هذا كما يمكنك ان تصفني.. جعلته يستحل جميع
فتحاتي بكل الاشكال وزاد هو تعلقا بي حتى انه بدا يأتيني بهدايا بصورة خاصة وصار
نادرا ما ينال من أمي نفسها حتى بدأت تتوجه لي بعبارات الشكر..
يا لهذه المرأة.. أم؟! لا ليست كذلك على الإطلاق.. هي أشبه ببقرة ممن
كانت ترعاهم في قريتها التي جاء بها منها أبي.. لا أستطيع ان اصفها بأنها مسكينة او غيره.. لقد
كانت كحيوان في قطيع.. كل ما يهمها ان تأكل وتنام وتحت سقف ما.. اما ما نتعرض له
فلم يكن بالنسبة لها سوي ضريبة ندفعها أمام تلك المميزات ولا تستحق ان تثور في وجه
هذا الحقير وتطرده منذ اول مرة امتدت يده فيها الي ردف واحدة فينا..
على الرغم من ذلك كما قلت لك اعتدت تلك الممارسات.. وصرت لا انفر
منها بل صرت اتصل به إذا تأخر واسأل عنه إذا غاب والمضحك في الامر انه طلب مني ان
يطلق امي ويتزوجني فأفهمته ان هذا حرام فضحك كالخرتيت وهو يقول وما نفعله ليس حرام
إذا.. قلت ان هذا بالقانون فدعك من هذه الافكار.. مرت علينا ست سنوات على هذا
الحال.. تحسن حالتنا المادية كثيرا.. انتظمت اخواتي في الدراسة واستطعت ان اقتطع
مما يعطيني فتوح بعض المال لنفسي ادخرته ليوم اسود وقد كان..
فقد قُتِل فتوح عصر يوم كان جالسا فيه امام وكالته.. قالوا ان من
قتله رجل ممن افتري عليه سابقا وقالوا انه سارق وغير ذلك المهم ان علاقتنا به
انتهت في ذلك اليوم وكانت البنات مازلن يدرسن.. توجهت مباشرة لأبحث عن عمل واعطيت
امي نصف ما ادخرت تقريبا تقتات به حتى أجد عملا.. وتعلمت بالطريقة الصعبة للأسف ان
الناس لا تريديني عاملة او تريد تعبي واجتهادي.. كما تعلمت بعدها وبسرعة انه لا
عمل لي سوي البيع..
نعم بضاعتي التي املكها رغمًا عني.. كما تري فانا أملك هذا الجسم منذ
كنت في الرابعة عشر.. لم اكتسب وزنا سوي ما يزيد مؤهلاتي.. لطالما كانت عجيزتي محط
انظار الرجال في الحارة او في المنطقة الجديدة الذي اسكن فيها وكانت مغناطيس فتوح
كما اعتاد ان يذكرها.. وبعد قليل من الوقت صار لي قاعدة من الزبائن..
لم اكن اعرف ان الامر منظم وأنه لابد من وجود قواد يشغلني ويحميني
عرفت تلك المعلومات عندما وقعت في المشاكل واقتدت للحجز لأول مرة في حياتي.. هناك
استباحني سكان القسم ورواده ولم ينقذني الا أنى تعرفت علي "شاهندة" التي
رات في مؤهلاتي ما يمكن ان يعجب "المسيو".. كانت قد اقتيدت للقسم من
كازينو مشهور تمت عليه حملة مفاجئة وعندما جاء مندوب "المسيو" ليخرجها
بدون حتى ذكر اسمها في الاوراق الرسمية اسرت له شيئا ما وبعد عدة ساعات كان نفس
الرجل في القسم يخرجني.. تعرفت عندها على "المسيو".. ليس مجرد رجل.. انه
اخطبوط.. يعرف كل أحد.. يملك المدينة حرفيا..
له علاقات بكل الاشخاص المهمين.. ونحن جيشه الصغير.. الذي قلما يفشل في
ان يحقق نتائجه المرجوة.. أطلت عليك في الكلام اعذرني.. كما قلت لك لا عرف لماذا
ارتحت لك هكذا.. سأنصرف الآن.. سأتصل بك لاحقًا إذا اردت.. ليس عندك مانع.. يا لك
من رجل مهذب.. لقد استمتعت بوقتي جدًا.. لا أستطيع ان ادعك توصلني فالبنات يعرفون أنى
سأذهب لأمي.. شكرا لك على التاكسي.. مع السلامة.
شارع الأشجار يا أسطي لو سمحت.. ما الذي يحدث لي.. لماذا احببت جلسة
هذا الرجل الي هذا الحد.. وكيف لم تظهر عليه أي علامة على الاستهجان مما حكيت له..
ان البنات نفسهم لم احكي لواحدة منهم اي تفاصيل عن حياتي حتى "شاهندة"
نفسها لم تسال ولم احكي.. كل منا عندها ما يكفيها.. غريبة أنى متشوقة للقاءة وقد
تركته حالا.. غريب هو امر تلك المشاعر.. كأني اعيش تفاصيل اليوم مرة أخري في
عقلي.. يجب أن انام الآن فلدينا في الغد اجتماع مع "المسيو" ويجب أن
اكون مستفيقة حاضرة الذهن حتى لا يغضب. لأطفئ الضوء الآن وغدا يوم اخر..
صباح الخير يا بنات.. متي سنتحرك لاجتماع "المسيو".. نعم
هذا هو أول اجتماع لي.. سيرسل سيارة.. هذا رائع.. هل هي الليموزين الكبيرة.. أظنها
تسعنا جميعًا في نفس الوقت.. أحب ركوب تلك الليموزين فهي فخمة للغاية وبها ثلاجة
مشروبات غازية ايضًا.. هيا هيا.. لابد ان السيارة منتظرة بالأسفل... يبدو ان هذا
صوت رسالة تصل على هاتفك يا "شاهندة"..
تقولين انه هاتفي انا.. ماذا.. اعذريني فأنا لم أعتاد على صوت الهاتف
الجديد بعد.. الرسالة من "حامد".. هذا يوم سعيد.. سأرد عليه بدون أن
تلاحظ البنات شيئًا.. نعم يا "شاهندة" بالفعل هو هاتفي انا انها رسالة
من اختي الصغيرة.. تريد ان تراني في اجازتها الاسبوعية فهي تدرس في العاصمة كما
ولابد أنى اخبرتك من قبل.. لم اخبرك.. حسنًا لقد كان مجموعها كبيرًا في الثانوية
يمكنها من الالتحاق بكلية الهندسة في مدينتا لكنها ارادت ان تلتحق بكلية الطب فاضطرت
لأن تلتحق بها في العاصمة.. نعم انها مصروفات كثيرة ولكن الموضوع يستحق.. ان تكون
واحدة من اخواتي طبيبة.. سيكون هذا اسعد يوم في حياتي.. ربما امر على البيت في
المساء..
مرت الساعات بسرعة كالعادة مع البنات وها نحن انتهينا من ميعاد "المسيو"..
الان لأهاتف حامد كما ارسلت له في رسالتي القصيرة.. استاذ "حامد"..
أهلا.. نعم يسعدني أن أقابلك.. انا في شارع السوق الكبير.. مطعم الركن.. اعرفه
طبعا.. ستوافيني الي هناك... حسنا.. انا في انتظارك.. مع السلامة
***
No comments:
Post a Comment