Thursday, September 4, 2025

القلب الذي كشف السر

على حافة صخرة ناتئة جلستُ أحدّق في المدى الأزرق الوسيع.

يرغمني رذاذ البحر أن أغمض عيني، وتجبرني الرياح على أن أتشبّث بالوشاح الملفوف حول عنقي.

وأعرف أن ما أشعر به ليس لسعة البرد التي في الحقيقة أحب أن تلمس روحي من آن لأخر، 
لكنها رعشة قوية تنتفض لها روحي للمرة الألف هذا اليوم.

ماذا دهاني؟ أأنا مريض؟
كلما أطبقت جفنيّ ظننتها المرة الأخيرة،
لحظة النهاية من هذا الألم الذي يعتصر أحشائي ويقبض على قلبي بقسوة
.

انكمشت أكثر في جلستي، متمنّيًا ألا يراني أحد.
فقد يظنّني مجذوبًا أو هاربًا.
لكنني حقًا مجذوب وهارب في آن واحد.
مجذوب بمشاعري… تلك الكلمة التي لو قيلت لي قبل عشر سنوات
لاعتبرت قائلها ضعيفًا مضطرب العقل
.
أما اليوم فأدرك تمامًا معناها.

هناك أحد على الطرف الآخر.
لم تعد مشاعري خيوطًا من نور تُرسل إلى العدم.
ثمة من التقطها، رتّبها، هذّبها، ثم جذبها.
وها هو يشدّها ويرخيها، فيؤلمني ويطيبني في اللحظة نفسها.

وأنا… هارب من مواجهة هذه المشاعر، هارب من معرفة نهاية الطريق.
أغمضت عيني بقوة واحتضنت نفسي،
أبحث عن لحظة راحة من ذلك الاعتصار الذي يصرخ في داخلي
.
ثم نهضت ببطء، أكلّم قلبي مطمئنًا:
حسنًا يا صديقي، لم يبقَ هنا غيري وغيرك.
سواء أصابنا الداء أم نجونا، ستظل رفيقي حتى النهاية.
تعالَ، أحدثك وتسليني بآلامك، وأواسيك بآهاتي.

وقفتُ، ألقيت نظرة أخيرة نحو الأفق،
أغمضت عيني
وأخذت خطوة إلى الأمام.

No comments: