سرحت بأفكاري في نتف السحاب المتناثرة أسفل جناح الطائرة العائدة إلى
العاصمة..
يا إلهي هل مرت فعلًا ثمانية شهور على سفري إلى فرع الشركة في
السلطنة..
بدت لي الرحلة طويلة وكأني مسافر الآن ولست عائد إلى الوطن.. اختبرت
هذا الإحساس من قبل خلال سنوات دراستي ولكنه معكوس هذه المرة فأنا أشعر بروحي تسحب
مني تجاه السلطنة ولكني اعرف السبب هذه المرة أنها هيام..
من كان يصدق ان تجمعنا الصدفة بعد كل هذه الأيام.. وأين؟! في بلد
غريب يبعد عن وطننا آلاف الكيلومترات.. ولكن كما يقول المثل " مصير الحي
للتلاقي" ألتقينا ولا أدرى إن كان هذا من حسن أم من سوء حظي.. فمنذ التقيتها
وأنا أفكر فيها بلا انقطاع.. أي موقف غريب هذا..
مرت المضيفة القصيرة بجواري ودفعتني طبقات البودرة والطلاء التي كست
وجهها إلى التفكير مليًا في مسألة حسن المظهر التي ارتبطت قديمًا بمضيفات
الطيران.. لكن يبدو أن الحسناوات مشغولات بأعمال اخري..
ابتسمت للخاطر وانتبهت على ارتطام العربة التي تدفعها المضيفة ذاتها
بقدمي فتأوهت وأنا أنظر لها معاتبًا.. تجاهلتني في برود ومرت في طريقها تبيع شيئًا
ما لرواد الطائرة..
لقد حول أصحاب شركات الطيران الاقتصادي رحلات الطيران إلى حافلة
داخلية تبقي فقط أن يقفز شخص ما بين الركاب معلنًا أن لديه شربة الحاج داوود التي
تقضي على الدود.. ابتسمت رغمًا عني عندما داعبني هذا الخاطر وعدت أفكر في هيام..
كان يومًا قائظًا كعادة أيام أشهر الصيف في بلاد الخليج وأن كان من
حسن الطالع أن شركتنا قد اختارت المدينة الساحلية لتكون مقرًا لفرعنا هناك.. فالجو
معتدل معظم أيام السنة واكتشفت عندما زرتها فيما بعد أنها مقصد لجموع الخليجيين
وغيرهم من السياح لقضاء عطلة الصيف فيها..
في ذلك اليوم وصلت إلى مرأب الفندق بسيارتي المستأجرة متعبًا عائدًا
من الشركة فقد كان يوم مشحون بالاجتماعات والمراجعات..
عندها وجدت تلك السيارة المرتفعة السقف ذات الدفع الرباعي تربض في
المكان المخصص لركن سيارتي.. نزلت من السيارة وألتفت يمينًا ويسارًا.. لعل من ركنَ
تلك السيارة هنا مازال في الجوار فاطلب منه أن يزيحها من مكاني..
داعبني خاطر ان أكيل الكيل بالمثل فأضع سيارتي مكان سيارة نزيل أخر
ولكنها كانت ساعة ذروة والمرأب ممتلئ عن بكرة ابيه..
انتقلت إلى خانة اللعن فصرت ألعن البرود والغباء بصوت مسموع.. بعد
قليل من وقوفي عاجلني مسؤول الأمن مستفسرًا عن سبب وقوفي بالمرأب كل تلك الفترة
وأبلغني انه شاهدني على شاشات المراقبة أدور بالمرأب فظن أن هناك خطأ ما..
شرحت له الموضوع فأخبرني ألا أقلق وطلب مني ان اترك مفاتيح سيارتي له
وهو سيتدبر الأمر.. رفضت بإصرار فأنا أستعمل تلك السيارة كمكتب متنقل ولا يمكنني
أن انقل كل الاوراق ودفاتر الشيكات وغيرها من مستنداتي المهمة إلى غرفة الفندق..
طلب مني الانتظار بالسيارة ريثما يحل المشكلة.. بعد نصف ساعة أو يزيد
رأيت امرأة قادمة من بعيد وفي يدها الاثنتان طفلتان.. ترجلت من السيارة مستعدًا
لأن أجعل يومها عصيبًا وعلى الرغم من لوم ضميري على ما سأفعله في حضور أطفالها ألا
أن الغضب كان مسيطرًا على أعصابي تمامًا..
وبدأت في ألقاء عبارات اللوم عليها حتى من قبل ان تصل إلى مكان
وقوفي.. وبمجرد ان التقت عينانا سقط فكي في ذهول.. هيام.. ردت في دهشة مماثلة..
حامد..
- من هذا يا أمي؟؟!
انطلقت تلك العبارة من شفتي واحدة من الملاكين اللتان كانتا ممسكتان
بيديها فهززت رأسي عائدًا إلى صوابي.. وبدأت هي الكلام بصوتها الرفيع المميز..
- حامد.. كيف.. كيف حالك؟
كنت مازلت لا أصدق أن التي تقف أمامي هيام نفسها.. قلت..
- بخير هيام كيف حالك انتِ.. ما.. ما الذي.. هل.. هه..
ابتسمت وهي تقول..
- لحظة واحدة ...
فتحت سيارتها بينما اطلب من رجل الأمن أن يرحل فقد تم حل المشكلة..
وضَعت تكييف سيارتها على وضع مناسب وأجلست الطفلتان ثم عادت لي في خفة وهي تقول..
- ماذا تفعل هنا عمل أم سياحة..
قلت مستغربًا..
- سياحة.. لا. هي فترة عمل قصيرة.. وأنتِ..
- إذا كنت تقصد الفندق فلدي عيادتي مريضة نزيلة بالفندق.. أما أن كنت
تقصد السلطنة نفسها فهو عمل وحياة.. إلى متي ستبقي في المدينة..
- أنا هنا منذ شهرين وسأبقي شهرًا أخر على الأقل..
ولا يمكن ان اكون قد أخطأت التماعه في عيناها فقالت وهي تبتسم في
فرحة
- حسنًا إذا.. امامنا ما يكفي من الوقت لأحكي لك كل شيء
قلت ممتنًا
- وهو من دواعي سروري يا عزيزتي..
ضغطت الكلمات الأخيرة ضغطًا لتشعر بمدي فرحتي بلقائها..
تبادنا أرقام الهواتف ووقفت مكاني اتطلع إليها وهي تقفز في سيارتها
العالية بجسد ممشوق لا يمكنك أن تتخيل أنه أنجب هاتين الملاكين.. وبحنكة سائق قديم
أخرجت سيارتها من المرأب..
ركنت السيارة بنصف انتباه.. صعدت للغرفة وانا مازلت لا أصدق تلك
المصادفة العجيبة.. نزعت ملابسي وارتميت على السرير.. غاصت أفكاري في أحداث قبل
سنوات مضت.. هيام وكيف ظهرت في حياتي..
في يوم مشرق من أيام نوفمبر جالسة بين اثنتين من صديقاتي في نفس مجال
دراستها عرفاني عليها بابتسامات عريضة.. ابتسمت في ود وانا أضيف أهلا بك وأرجو أن
يعجبك الجو بيننا.. ابتسمت لترحيبي بينما عدت لانشغالي بأموري اليومية..
ومنذ ذلك الحين وقد اعتدت تمضية الوقت بين اصدقائي ومن بينهم هيام
التي كانت دائمًا مبتسمة كان هناك شيء ما يربطنا سويًا ويبدو أنني لم انتبه لهذا
في حينه.. فقد كنت أعاملها كبقية الصديقات لكن هي دائمًا متفهمة وعطوف..
تذكرت ذلك اليوم الذي اتكأت عليها فيه عائدًا من المشفى حيث صاحبتني
طيلة اليوم وجزء من الليل.. لم يسعني إلا أن اتنهد متذكرًا كم كانت قوية
ومتماسكة.. وكم كنت ساذجًا فلم أري عاطفتها التي نضحت من كلامها وتصرفاتها فأيقنها
كل المحيطين بنا..
وبينما تعودنا على تمضية أوقاتنا سويًا منفردين وتصارحنا كالأطفال من
آن لآن ببعض مكنونات المشاعر..
فأخبرتها أني أحب صحبتها وأنها تعني لي الكثير.. لكني لم أكن أري
المنحني الذي تسير إليه علاقتنا.. فقد تقربت لها ولم تمنعني.. لم تصدني.. احتوتني
بكل عنفواني.. وعندما افقنا.. تركتني.. رحلت.. صارحتني بأني اخترقتها.. وبأنها
تخطت حدودًا كانت وضعتها لنفسها..
أحسست ساعتها أنني كفراشة انبهرت بالنار فاقتحمتها.. وما ذنبي أنا إن
كنت احببتها.. بعدها استبقيتها ... رجوتها.. حتى وأنني أخبرتها قراري عازمًا أن
ارتبط بها..
حتى هذا رفضته متعللة بأني لن اكون لها خالصًا ابدًا.. ولكم كانت
محقة.. فقد أخذتني تصاريف الحياة لفترة انشغلت فيها بهذه وتلك ولكني أبدًا لم
انسها ولم تزل عن ذاكرتي وإن اتخذت لنفسها هذا الركن القصي في ذاكرتي إلا أن حنيني
لها كان حاضرًا أبدًا..
متلهفًا لسماع صوتها أمسكت الهاتف المحمول واتصلت بالرقم الذي أملته
عليّ.. مغلق.. يا إلهي لعلها لم تعطني رقمًا زائفًا..
عنفت نفسي وقررت أن أتوقف عن سوء الظن.. فربما يكون هاتفها مغلق فعلا
لنفاذ الشحن أو غيره.. وكيف ألومها على ذلك وأنا نفسي لا أضع الهاتف المحمول على
وضع الرنين أبدًا.. بعد قليل اهتز الهاتف معلنًا ورود مكالمة منها فرددت في لهفة..
- هيام أهلا..
- أهلا حامد أسفه رأيت حالا اتصالك الفائت كنت في غرفة العمليات فكان
الهاتف مغلقًا..
- عمليات.. لقد تتركيني منذ ساعة..
- نعم يا عزيزي فانت تعلم ان عملنا ليس له وقت محدد سواء ليلًا او
نهارًا..
أمنت على كلامها ثم قلت
- ما رأيك في ان نتناول العشاء سويًا أن لم يكن هناك ما يمنع..
ردت في بساطة..
- حسنًا.. سأراجع الخادمة وأتأكد من شؤون الأولاد ثم اوافيك في مطعم
زهرة الصحراء في نفس الفندق الذي تقيم فيه.
انتفضت وكأنها قالت إنها قادمة الآن.. اتصلت بخدمة الغرف مستفسرًا عن
رقم المطعم ثم هاتفتهم فحجزت طاولة مطلة على الواجهة البحرية التي أفضلها..
في الساعة الثامنة حسب اتفاقي مع هيام.. سألني الموظف عن وجبات معينة
أفضلها فنبهته انه هناك شخص أخر سيختار الطعام لذا أفضل أن يكون ذلك عند حضورنا..
بعد أن اتممت الحجز قمت بضبط التنبيه بهاتفي على الساعة السابعة
والنصف لأعطي لنفسي الفرصة لهندمة نفسي قبل لقائنا المرتقب.. سقطت من التعب
كالمغشي عليه على سريري ثم أفقت في الثامنة والربع تقريبًا.. لم أصدق نفسي وكيف لم
أصحوا مع جرس التنبيه..
يا لي من أحمق.. ان أعتمد على جرس تنبيه بصوت العصافير والذي
يدعو لاستكمال النوم فضلا عن أصوات المياه التي لولا تحكم الواحد في نفسه تدفعك
دفعًا للاستغناء بالسرير عن الحمام..
نفضت الافكار مسرعا نحو الحمام.. تحممت وارتديت أفضل ملابسي في دقيقة
تقريبا.. واتجهت من فوري نحو المطعم مهرولاً.. وجدت هيام تجلس في الطاولة التي
حجزتها.. حالما رأتني ضيقت بين حاجبيها مصطنعة الغضب.. يا إلهي كم افتقد هذا
الوجه النضر والعيون المحببة..
توجهت نحوها مسرعا معتذرًا حتى من قبل أن أجلس على الطاولة.. رأت
ارتباكي فضحكت ضحكتها القصيرة المميزة فزال عني كل الارتباك والضيق الذي كنت اشعر
به لأني تأخرت عنها.. لم تنس أن تردف بجمله توقعتها..
- يبدو أن من به عادة لن يغيرها أبدًا..
- أعترف بذلك يا عزيزتي.. ولكن هذه المرة انت السبب فقد عدت من العمل
مجهد ولولا وضعك سيارتك مكان سيارتي لكنت اخذت كفايتي من النوم
ردت ببديهتها المعتادة
- ولولا وضع سيارتي مكان سيارتك لم نكن جالسين سويا الان
نظرت لها وانا اقول في قوة
- لا لا كله الا هذا أنا ممتن لأنك أخذت مكاني..
ابتسمت ونظرت نحو النادل فجاء مسرعًا.. طلبت طعامًا فطلبت من النادل
أن يجعلهما اثنين من نفس طلبها..
بعدما انتهينا من الغداء توجهنا لشرفة المطعم وجلسنا مواجهين للمطل
البحري له.. سألتها
- هيام.. ألن تحكي لي..
- أحكي لك ماذا.. كما تري.. فقد تزوجت
وسكتت ثانية ثم قالت وتطلقت..
لم أصدق ما اسمع.. اعدت كلماتها لا اراديا..
- تزوجت وتطلقت..
ردت بسرعة
- ماذا بك يا حامد اليس هذا من طبيعة الناس الزواج والطلاق..
قلت لها مستسلما
- بلي.. والاولاد..
- بعد الزواج مباشرة رزقني الله بولد ثم بعدها بخمسة سنوات رزقت بالبنتين..
قلت مستفسرًا
- لقد رأيت الملاكين الصغيرتين ولكن أين الولد؟!..
قالت متأسية
- الولد يعيش مع والده الان في إيطاليا من اجل الدراسة وهو ايضا
يرتاح لصحبة والده اكثر مني..
- يا ألهي هيام من كان يتوقع هذا.. ردت بسرعة
- وانت.. ماذا فعلت؟!!
اجبت مستسلمًا..
- لم افعل أي شيء..
ضحكت ضحكة طويلة اسعدتني.. ثم قالت
- ماذا تعني.. لا زواج لا خطوبة.. لا شيء..
قلت مؤكدا على كلامها
- نعم يا عزيزتي لا شيء على الاطلاق.. تعرضت لبعض العلاقات تطورت
كثيرا لكني لم اخذ القرار ابدًا وهكذا كما ترين اقترب من الاربعين وحيدًا..
نظرت نحوي ثم مدت يدها وسحبت يدي وامسكتها.. ثم قالت في نبرة
حنون
- لست وحيدًا الآن على الاقل..
نظرت في عينيها بامتنان.. كانت رؤيتها قريبة مني إلى هذا الحد تسبب
لي شعور غريب متناقض الي حد كبير.. فرحة عارمة بها وبملامحها الطفولية التي اعشقها
وحنق شديد عليها وعلى كل تلك السنون التي مرت علينا بعيدين بسبب عَنَتِها وعدم
قبولها لاعتذاري.. وكقارئة الافكار قالت..
- لا عليك يا عزيزي نحن أبناء اليوم أنت معي الآن وستبقي معي حتى
يحين موعد رحيلك.. هل لديك أي خطط للغد بعد العمل..
- بالتأكيد لا وحتى وان كان لدي خطط فانا لن افوت لحظة بعيدًا عنك..
اتسعت ابتسامتها وقالت..
- إذا فانا مرشدتك السياحية في المدينة الساحلية من الان فصاعدا..
ضحكت وانا أحتضن كفها الرقيق.. كانت سهرة في غاية الجمال استمعت فيها
بالوقت وصحبتها..
في الايام التالية اغتنمنا كل الفرص المتاحة بعد اوقات عملي وعملها
وخرجنا إلى معالم المدينة الجميلة.. وفي يوم أجازتها الاسبوعية وقبل ميعاد سفري
بعدة أيام اقترحت أن نتوجه للشاطئ ثم سألتني
- هل زرت شواطئ المدينة الساحلية من قبل..
اجبت بالنفي فقالت وهي تبتسم في غموض
- إن لك عندي مفاجأة إذن..
قادت سيارتها المرتفعة عبر مسلك صحراوي شاطئي متبعة جهاز للخرائط
الملاحية حتى استقرت على نقطة يبدو انها حددتها من قبل.. أنزلنا اغراضنا من السيارة
وقمت بنصب خيمة وغيرت ملابسي واتجهت للمياه وقالت انها ستلحق بي..
بعد دقائق خرجت من الخيمة بملابس سباحة تكاد لا تخفي أي شيء من جسدها
الممشوق.. نظرت نحوها مشدوهًا لا أعرف ماذا اقول.. بدت كفتاة عشرينية بمنحنيات
جسمها الفائقة الجمال ولونها المميز وخطواتها التي جمعت بين الثقة والدلال.. ضحكت
في جذل وهي تقول..
- كنت أعرف أن هذا سيكون رد فعلك..
قلت في حيرة..
- لا أصدق نفسي.. أولا ما هذا الجمال الفاتن.. ثانيًا.. "مايوه
بيكيني" مرة واحدة..
ابتسمت وهي تقول..
- منذ اشتريته وأنا في زيارة لإيطاليا لم ألبسه قط ولم يخطر في بالي
انني قد أفعل.. حتى عندما أتي الي هنا بصحبة صديقات كلهن يلبسن البيكيني ولكني لا
افعل.. أحسست اليوم أني أريد أن ألبسه وانا بصحبتك..
أخذت بيدها أجرها نحو الماء.. وقضينا ساعات من أجمل أوقات حياتي
عندما خرجنا سألتني ان كنت اود ان أكل الآن من الطعام الذي احضرناه سويًا ام أفضل
ان اتناول معها العشاء بالمنزل عندما نرجع.. ففضلت أن أنتظر حتى نعود..
في الطريق اتصلت بخادمتها وطلبت منها إعداد الطعام.. وصلنا للمنزل
ودخلت معها فوجدنا المائدة جاهزة..
سألت عن الفتيات فوجدتهما نائمتين كما أوصت الخادمة.. شكرتها وطلبت
منها أن تتوجه لغرفتها وإن احتاجت شيء ستطلبها.. بعد تناولنا الطعام جلسنا نتحدث
في شتي المواضيع جلست بجواري فضممتها إلى كالأيام الخوالي قلت وانا انظر لعينيها
- مازلت لا أصدق نفسي.. معقول انتِ الآن بين يدي..
فرت دمعة من عينيها وهي تقول
- نعم معقول.. تخيل..
قضينا الايام التالية سويًا وانا لا أدري ماذا سأفعل لو فارقتها.. في
ليلة سفري وضعت خديها بين راحتي وقلت بصوت حاولت أن أجعله صارما فخرج مني رفيعًا
فضح ضعفي..
- هيام اظن ان الوقت أصبح مناسب أن نكمل مشوارنا سويًا ماذا تقولين
في ان تصحبيني إلى مصر.. ونتزوج..
ردت مباشرة
- وأنت ما رأيك أن تستقر معي هنا في السلطنة..
قلت مباشرة
- وعملي والشركة والسنوات التي قضيتها في بناءها..
نظرت لي نظرة ثابتة وكأنها كانت تتوقع كلامي هذا فردت ببساطة..
- حامد.. صحيح انت اعز مخلوق عندي في الدنيا.. ووجدت معاك راحة وأمان
لم اجدهم مع أي انسان أخر.. لكن.. أنا كما تري مستقلة بحياتي.. ولن اعود إلى مصر
لأعتمد هناك على أحد.. وإن كان انت عندك استعداد للاستقرار في
السلطنة.. سيكون أسعد أيام حياتي.. دعنا الآن من هذا الكلام ولا تضيع علينا ليلة
رحيلك..
وأشغلتنا بخفة دمها المعهودة وحركاتها اللطيفة.. مرت الليلة ثم اصرت
على ان توصلني للمطار..
لم تتمالك دموعها وانا كذلك انهمرت الدموع من عينياي كصنبور وانا
اودعها.. ورغما عني احتضنتها.. قالت تكافح دموعها..
- لا تنسي تخبرني في الزيارة القادمة لأنتظرك.. اتصل بي كلما أمكن..
سلام..
لم أجد اي شيء أرد به الا كلمة سلام قلتها وانا أقبل أناملها ثم
توجهت لممر الطائرة.. وجلست على مقعدي المحدد اجتر ذكريات من أجمل ايام حياتي
وأفكر فيما ينتظرني في مصر وبينما انظر من شباك الطائرة نحو الارض التي عشت فيها
تلك الايام الجميلة غلبني النوم.. فنمت.
***
No comments:
Post a Comment